راء و ميم

راء و ميم في سين و جيم عن النصارى و المسلمين

Sunday, December 12, 2004

تساؤلات الحيارى عن أحوال النصارى

ـ "صحيح بتربّوا أسود داخل الأديرة لمنع المسيحيين من دخول الإسلام؟"
هذا السؤال الذي يبدو مضحكاً لسذاجته طرحته سيّدة مصريّة عاملة حاصلة على بكالوريوس التجارة، وتربّي طفلَيْن. ورغم أنّ طرح السؤال كان مفاجئاً لي -حين سمعته- لمستوى طارحته الثقافيّ ونصيبها من النضج، إلاّ أنّني لم أستغربه لأنّني سمعت أسئلة أخرى إن كانت أقلّ سذاجة، فهي ليست أقلّ حيرة وفضولاً وصدقاً.
"هل صحيح أنّه يتمّ تكديس الأسلحة والأموال في الأديرة المسيحيّة تمهيداً لثورة؟"
"هل يلجأ الرهبان للسحر وخلافه لردّ المسلمين عن دينهم؟"
"ما هذه اللغة الغريبة التي يصلّي بها الأقباط في أفراحهم؟"
"هل سينحاز القبطُ إلى الأمريكان إن غزا الآخرون مصر في حربهم ضد الإرهاب"
ثم تلك الباقة من الأسئلة التي لا أعرِف من أين أتت:
"هل رؤية البابا شنودة في المنام غاية كلّ قبطيّ؟"
"هل تقدّسون البابا؟ هل تغسلون قدميه وتتبرّكون بماء غسيلها؟ هل.. تشربونه؟ هل... عفواً.. بوله مقدّس؟؟!"
"يعني إيه مقدّس أصلاً؟"
"هل صحيح عمم الكهنة أنواع ورتب؟"
أسئلة كثيرة، إن عبّرت عن شيء، فهي تعبّر عن جهل الكثيرين جدّاً من المصِرّيين المسلمين بجيرانهم وشركائهم في الوطن، الذين يُسَمّون أحياناً النصارى، أو الأقباط، أو المسيحيّين، أو -للأسف- المشركين.

الإنسان عدوّ ما يجهل:
مَن المسئول عن هذا الجهل، خاصّةً أنّ الإنسان عدوّ ما يجهل، وأنّ الخوف لا يقود لموّدة أبداً.
لا مجال هنا للتنقيب عن إجابة هذا السؤال، ويكفي أن أذكر أنّ أحد أهمّ الأسباب لهذا الجهل هو الغموض الشديد الذي يلفّ بالمسيحيّين المصريّين، المعروفين أيضاً بالأقباط. يلفّ المسيحيّون أنفسهم بالغموض، لأسبابٍ عديدة، منها الخوف والخجل وطبيعة العبادة المسيحيّة التي تجعل الخفاء شرطاً أساسيّاً لقبول الصلاة والصوم والصدقة.
في المقابِل، ورغم أنّه لا يُمكِن الادّعاء بأنّ لدى المسيحيّين استعداداً أكبر لمعرفة الآخر، إلاّ أنّ طبيعة الأمور ونظام الدولة التعليميّ والإعلاميّ يجعلان لكلّ مسيحيٍّ مصريٍّ نصيباً لا بأس به من المعلومات عن الإسلام، مُستقاة من المناهج الدراسيّة، والمجاهر اليوميّة، والقنوات المسموعة والمرئيّة.

الأقباط: خطر ممنوع اللمس؟
لا عَجَبَ إذن أن تثور ثورة الأقباط حينما تتعرّض وسائل الإعلام المصريّة لهم، بشكل أو بآخر. ولا سيّما في الأشكال التي حدثت في الأعوام القليلة الماضية، كخبر جريدة النبأ نصف الصادق ونصف الملفّق عن انحرافات جنسيّة لراهب مخلوع، وكفيلم "باحبّ السيما"، ومسلسلات أخرى تطرّقت لأحد التابوهات المصريّة.
تابوه (أو محرّم)؟ هل هذا ما يريد الأقباط أن يكونوه في الألفيّة الثالثة من التاريخ الميلاديّ: جماعة مغلقة ذات استقلاليّة في ما يتعلّق بأخبارها وأحوالها؟ أم جماعة مفتوحة منفتحة يعرف بقيّة سكّان الوطن ومواطنوه ما يدور بداخلها؟ سؤال مطروح على كلّ قبطيّ.
وقد طُرِح السؤال عليّ بدوري، بصفتي كثير الكلام سليط اللسان (ربّما) أو بصفتي مُدَّعياً العقلانية ملتصقاً بالوطنيّة. طرح ميم (محمّد) السؤال عليّ: إن كُنتُ أرغب في تبادل التساؤلات وبالتالي أيضاً الإجابات، حول أحوال المسيحيّين والمسلمين في مصر. وقد قبلتُ الدعوة بصفتي الشخصيّة، لا كممثّل لأيّة طائفة، ولا كشاذ عن أيّة طائفة في الوقت نفسه. فأنا أنا، وسأجيب بما أعلم. والله -بالطبع- أعلم.
ـ

2 Comments:

Blogger Hamuksha said...

أذكر أنهم كانوا يقولون لنا أيضا، ونحن بعد أطفال، أن المسيحيين "ريحتهم وحشة" لأنهم أنجاس، وعرفت زملاء ورفاق مسلمين كثيرين لا يأكلون أو يشربون من يد مسيحي أو مع مسيحي. كما أن منظر القسيس قد يصب بعضهم بالغثيان (يا لهم من مرهفين!) الغريب أن هذا الموقف يختلف عندما يكون المسيحي من جنسية أخرى! لكني للحق لم أشهد حالة اضطهاد واحدة من مواطن مسلم ضد مواطن مسيحي. كان أبي مديرا لمدرسة إعدادية وأحبه أولياء الامور الأقباط جدا لأنه كان لا يميز، ولم أعرف ماذا كان يفعل المديرون الآخرون مما عده الأقباط تمييزا. نحن في بلد يصعب ان تعرف فيها الحقيقة.

12/13/2004 10:35 PM  

Blogger Ensan Kadim said...

محاولة جيدة، رائع
أنا مصري مسيحي وأشعر بخوف من تدمير ثقافتنا
هي خلاص تقريباً اتدمرت بالكامل
لكن أظن ان البلوج مكان ضيق لا يدخله إلا من لديه قدر محترم من الثقافة
ماذا عن أغلب الناس الجهلة
اين الثقفين من مختلف الفئات والطوائف والأديان والإتجاهات
هل المثقفين فقط سيظلون في ندواتهم وكتبهم وبلوجهم ويردون على الأسئلة المطروحة دون أن يسمع السائل ردهم
روما تحترق ونيرون يغني
أنا لا أدعي إني أعرف الإجابة لكني أطرح التساؤل

12/18/2004 12:43 AM  

Post a Comment

<< Home

eXTReMe Tracker