راء و ميم

راء و ميم في سين و جيم عن النصارى و المسلمين

Wednesday, September 28, 2005

قناة دريم في سين وجيم عن "الأقباط" والمسلمين

حيث إنّ زينب أثارت موضوع المؤتمر القبطي السنويّ، وما دار بشأنه في قناة دريم،
وحيث إنّني لم أسمع عن الموضوع قبل اليوم،
أحب أن أضع بين يديكم نسخة مسجلة من الحلقة على قناة دريم،
أضع رابطها (ملف ڤيديو) من موقع "الأقباط متّحدين"
لكي يحكُم كلّ بنفسه.

تحديث- في ٨ أكتوبر:
تعليق عدلي أبادير على ما ورد عنه في الإعلام المصريّ.

ـ

المقال كاملاً والتعليقات

Wednesday, August 03, 2005

حتّى من لم يعارض أبداً معترض على إعلان المجمع وتصريحات البابا! ـ

عزيزي ميم، آسف لأنّني سأخرج عن سلو السين والجيم، وعن اتّفاقنا الأوّل بعدم الإجابة عن السؤال في عدّة مقالات.
لكنّ ما يلي ليس إجابةً عن السؤال فحسب، بل هو أيضاً وضع استثنائيّ نمرّ بها،
وبصراحة أنا وغيري (مثلاً أفريكانو وميلاد وكثيرون) في حالة حزن وخجل وإحباط،
نريد أن نثبت للجميع أنّ "الكنيسة مش كده" (هاها)!
الكنيسة-التي هي جماعة المؤمنين وليس قادتهم فحسب-متنوّعة سياسيّاً لأنّها جزء من المجتمع...

أجمع في هذه التدوينة (التي سأحاول تحديثها) أصوات أخرى محتجّة على ما صرّح به البابا ومجمع الأساقفة.

الطريف في بعض هذه الأصوات والأقلام أنّني جمعت ما قالوه وما كتبوه من بضعة مواقع لأقباط يعيشون في الخارج، مواقع كانت توصف أحياناً بالعمالة وانعدام الوطنيّة، وعُرِفوا عامّةً بعدم دخولهم في صدامات مع البابا شنودة الثالث رغم عدم تبنّيه آرائهم،
اقرأ مثلاً:
ـ عفواً مجمعنا المقدّس (لممدوح نخلة المحامي)
ـ أدام الله في حياتك ومدّ في خدمتك يا قداسة البابا (چورچ المصريّ)
ـ لماذا تؤيّد الكنيسة إعادة انتخاب مبارك وليس الآخرين؟ (چورچ المصريّ)


ــ
ملحوظة: لستُ متأكِّداً أنّ الروابط التي وضعتُها هي الروابط الأوليّة للمقالات، بل قد تكون منقولة من مصادرها الرئيسيّة

المقال كاملاً والتعليقات

Tuesday, August 02, 2005

ـ"تحديث: كلّ قبطي ينتخب من يُريد!" ـ

ردّ سريع ومقتضب وواضح:

أجاب الأسقف سريعاً عن سؤالي المتعلّق بـإعلان الأساقفة تأييد مبارك، وجاء ردّه مقتضباً وواضحاً في خمسة نقاط.
ولأنّني لم أستأذِنْه في نشر رسالته (التي أرسلها بصفة شخصيّة ردّاً على ما كتبته أنا)، فلا أستطيع أن أضعها نصّاً.
لكنّ ما جاء فيها باختصار:

ـ أنّه يشكرني على أمانتي في التعبير عن رأيي وفي مراسلته
ـ أنّ ما نشره المجمع المقدّس للكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة (مجمع الأساقفة) إنّما يمثّل رأيهم الشخصيّ وما أجمعوا عليه واعتبروه "في مصلحة الكنيسة"، وهم يرون أنّ النظام الحالي أفضل خيار مطروح.
ـ أنّ هذا ليس تدخُّلاً من القيادات الدينيّة في الأمور السياسيّة، بل رأي خاص.
ـ أمّا الجزء الأهمّ في رسالته، والذي يخصّني، أقتبسه بالحرف:
ـ
Every Coptic person has a full freedom to choose whomever he sees
suitable for this position.
مرّةً أخرى، حيث إنّ هذا ليس تصريحاً صحفيّاً، فأرجو أن يُعتَبَر خاصّاً بالمدوّنة، احتراماً لخصوصيّة صاحبه...
ـ

ملحوظة: تابع مناقشة مماثلة لدى "شخص مصري"
ـ


المقال كاملاً والتعليقات

Tuesday, July 26, 2005

مبايعة المجمع: السابقة الخطيرة ومسئوليّة الأقباط

عزيزي ميم،
إجابةً سؤالك بشأن بيان المجمع المقدّس الداعي الرئيس حسني مبارك للاستجابة للجماهير من أجل ترشيح نفسه عبارة واحدة: "علمي علمك!" وها هو ميلاد يشاركني الغضب والاندهاش.

أوّلاً: تسألني عن السبب، وأقول لك لا أعرف.
لا أفهم سرّ هذه السابقة الخطيرة حيث تقف قيادة الكنيسة موقفاً غير مسبوق وغير مُبَرَّر بعودتها إلى زمن "ما قبل التعديل الدستوريّ" والهرولة إلى المبايعة، رغم أنّ الرئيس نفسه لم يعلن إن كان سيترشّح أم سيترك الأمر لأمانة الحزب.

أتذكّر أنّني كنت فخوراً-بعض الشيء-أنّ البابا شنودة لم يضع صورته مع زمرة المؤيّدين للتعديل الدستوريّ والاستفتاء، ولم يخرج بتصريحات من باب: مقاطعة الاستفتاء خطيئة في حق الله والوطن. الآن أنا محبط ومحتار وقلق...

ما يقلقني هو التالي:
١) عنوان المقال الصغير بالكرازة: "الكنيسة القبطيّة تدعو..."
لاحظ أنّ المجمع المقدّس (المكوَّن من الأساقفة أي الرئاسات الكنسيّة) والذي-بحكم مسئوليّته-يباشر أمور الكنيسة كمجلس أعلى (من حقّه عزل البابا إن أجمع رجاله على ذلك) يتحدّث عن نفسه قائلاً: الكنيسة القبطيّة! هذا أمر خطير-رغم أنّه صار معتاداً: الكنيسة-في العقيدة المسيحيّة-هي جماعة المؤمنين الذين يجمعهم الإيمان الواحد في شركة كاملة، والأساقفة-رغم مقامهم وتكريم الجماعة كلّها لهم-يعتبرون مدعووين من الله لخدمة الكنيسة (وليس لحكمها أو التحدّث باسمها). كونهم يصدرون هذا الأمر باسم الكنيسة يعني أمر من اثنين: إمّا أنّهم أوصياء على كلّ قبطيّ أرثوذكسيّ في مصر حتّى في ميله السياسيّ أو أنّهم (وهذا أخطر) نسوا أنّ الكنيسة هي الشعب كلّه وظنّوا أنّهم-أي القيادة-هم الكنيسة. ألا يماثل هذا موقف الملك الفرنسيّ الذي قال: "أنا الشعب" أو موقف الدولة حين تتحدّث عن نفسها قائلةً: "أنا الوطن!".

٢) المقلق أيضاً أنّ "الكرازة"، الجريدة التي يرأس تحريرها البابا شنودة الثالث، تنشر-ضمن صفحة اسمها أخبار الكنيسة (لا تحتوي إلاّ على أخبار البابا وبعض الأساقفة)-قرار المجمع المقدّس الذي يرأسه البابا! يبقى ده كلام مين؟

٣) وضع المجمع المقدّس الكنيسة في مأزق أمام الحركة الوطنيّة. فلو فرضنا جدلاً أن قام نظام حكم جديد، فلن يغفر للكنيسة مخالفتها لتاريخها الوطنيّ التي دأبت عليه في القرن العشرين، ومحاولتها لمجاملة الحاكم باتّخاذ إجراء غير مطلوب منها.
كذلك، كما قلت أنت: ماذا لو رشّح الحزب الوطنيّ مرشحاً آخر؟ وقتها يكون المجمع قد وضع نفسه (والكنيسة) في موقف بايخ، وخسر سمعته الوطنيّة؟

٤) تقلقني أيضاً مبرّرات البيان. كما قلت أنت، الكنيسة غير تابعة للدولة، ولم تخضع لضغوط الدولة مثلاً أيّام السادات، رغم أنّ ذلك كلّف البابا حرّيته في الحركة، وأبقاه حبيس الدير. فما تفسير ما يحدُث الآن؟
هل هو ضغط من الدولة قبلته القيادة الكنسيّة/ هل هي مجاملة متبادلة هدفها نوال بعض الامتيازات للمسيحيّين (هي أصلاً حقوق) / هل هي استجابة لتهديد وضغط (مثلاً بتسريب قصص أخرى للأخبار عن راهب فاسد أو سيّدة تريد ترك زوجها وتغيير دينها)؟

ثانياً: تسألني عن موقف الأقباط الأرثوذكس من القرار وهل هم مربوطون باتّباعه.
لا يبدو من لهجة الخبر أنّ الأمر قرار، ولعلّه لا يعدو عن كونه إجراء من ضرب المجاملات (كما عزّى البابا الرئيس في ضحايا شرم الشيخ مثلاً). لكنّ الأثر الأكبر هو في ثقة المسيحيّين في "حكمة" قيادتهم، وهي ثقة تغذيها-كما قلتَ أنتَ-مخاوف تغيّر وضع الأقباط للأسوأ مع نظام جديد، ولا يبدو أنّ لدى أيّ مسيحيّ مصريّ طموحات في حكومة جديدة تفعل ما هو أفضل لهم.

أمّا عنّي أنا.. ماذا أفعل؟
هذا سؤال هام. أنا لا أعرف موقفي. أنا معترض على المبدأ، ولا أظنّ أنّ لأحد أن يتدخّل في قراري السياسيّ، خاصّةً أنّ أسماء المرشحين لم تُعلَن بعد.
مع ذلك، ورفضاً للسلبيّة، فقد أرسلتُ خطاباً للأسقف الذي تتبعه المنطقة التي أقيم بها في الولايات المتّحدة، وإليك جزء منه:
ـ

I am writing this short message because I was shocked when I read--in the latest issue of "Al-Keraza"--that the Holy Synod has decided to call President Mubarak to run for reelection to because of what they called "his wisdom and experience."

While I have not made my mind yet concerning whom I would elect to be the President of Egypt and while I have strong respect to the past political decisions taken by the Synod (e.g., the prohibition of visiting the Holy Sites in Jerusalem), I strongly disagree with the concept of the clergy taking part in a political game, no matter how good their intentions are.

Such an announcement will be viewed by the majority of Egyptians as a support from the Church leadership to the current regime, and a clear interference with the individual's right to elect the political leader. It looks like the Holy Synod is not satisfied with the latest minor reform that allowed many candidates to run for presidency, and they want us to go back to the old system. Mubarak himself has not announced (yet) that he is re-running; what if he doesn't, and if his son runs... Will the Church come back and issue an "approval" of the president's son? What reasons then will the Synod use: "experience/wisdom" or "new blood and youth"? Why, after all, would the Church leadership have a say in such an issue?

I do not know whether I am obliged to support the Church on this decision. I personally disagree with it, and I cannot defend it in any public discussion.
ثالثاً: عن موقف المسيحيّين من التعديل السياسيّ، فهذا موضوع كبير يا ميم، ولا أجد فيه أفضل ممّا كتبه الدكتور حنّا. لماذا لا تسأله؟

المقال كاملاً والتعليقات

بقيّة السؤال: لماذا "يتبرّع" مسيحيّون لتمويل إرسال الدعاة المسلمين حول العالم؟

عزيزي ميم،
قبل أن أجيب على سؤالك (الذي أريد الإجابة عليه بسرعة لشدّة غيظي من القرار غير المسبوق
أحبّ أن أكتب بقيّة سؤالي، الذي سيكشف الهدف منه.

سألتك عن إمكانيّة تبرُّع المسلمين لتمويل من يسمّون أنفسهم بالـ"مبشرين المسيحيّين"، وجاءت إجابتك منطقيّة بسيطة، كما سار في خطاها معظم المعلّقين:
لماذا يتبرّع أشخاص لنشر دين لا يؤمنون به، ولتعليم آخرين مبادئ دين يرونه هم ناقصاً أو غير مطبّق بشكل سليم؟
لا مانع-بحسب إحدى المعلّقات-من التبرّع لمن يقوم بفعل الخير من أيّة ديانة، لكن لا معنى للتبرّع لمن يدعون لديانة أخرى، وإلاّ لكان الأولى بالمتبرعين أن يدخلوا في ذلك الدين.

أنا أقبل الإجابة، وهي ما توقّعته.
حجبتُ نصف سؤالي الآخر خوفاً من التأثير على القرّاء فتأتي إجابتهم سياسيّةً دبلوماسيّة:

بقيّة سؤالي هي:
إذا كان من غير المنطقيّ أن يدفع أحد الأموال لصالح نشر دين لا يؤمن به،
لماذا تستخدم الدولة في مصر جزءاً من الضرائب (وبعضها يدفعها مسيحيّون) لتمويل هيئات إسلاميّة، ولإرسال الدعاة إلى الخارج (لا للدول الإسلاميّة فحسب، بل إلى أوروپا وأفريقيا أيضاً)، وللاحتفال بحفظة القرآن في ليلة القدر، وهكذا، أليست هذه صورةً أخرى لنظام "الجزية" القديم؟
هل يكون الحلّ في تقسيم أموال الضرائب على أتباع كلّ ديانة كنسبتهم العدديّة؟ أم يكون الحلّ الأوقع والأنسب لدولة تعامل مواطنيها بالمثل هو أن يتمّ تمويل الخدمات الدينيّة من أموال التبرُّعات والجهود الذاتيّة؟

المقال كاملاً والتعليقات

سين: عن المبايعة


عزيزي راء
قرأت منذ أيام خبرا عن نشر مجلة الكرازة الناطقة باسم الكنيسة وثيقة عن المجمع المقدس للأقباط الأرثوذكس بمناسبة العيد الحادي و الخمسين لرهبنة البابا شنودة الثالث ، جاء فيه إعلان تأييد الكنيسة القبطية لاستمرار الرئيس حسني مبارك في رئاسة مصر " لما يرونه فيه من حكمة سياسية و سماحة ، و خبرة عميقة بادارة شؤون البلاد ، و معرفة وثيقة مع علاقة طيبة بكل القيادات السياسية في البلاد العربية و الغربية و سائر البلاد. و ما ناله من تقدير الجميع ، و ماله من موقف حازم في قضايا الشرق الأوسط و السودان، و حفظ مكانة مصر بين الدول" و تلوا ذلك بمناشدته "الاستجابة لرغبة الجماهير بترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية لدورة تالية - و الكل يجبونه و يؤيدونه".

صحيح أننا اعتدنا الاستماع لأشياء مماثلة من بعض الشيوخ المسلمين ، كخبر الحفلة التي أقامها وزير الأوقاف لمدح الرئيس مبارك و ألقى فيها شيوخ أزهريون قصائد تتبارى في ذكر ميزاته ، أو كمواقف شيخ الازهر محمد طنطاوي و ما أشيع عن اتفاق بينه و بين مسؤولين لاستغلال منابر المساجد للدعاية الانتخابية ، و الفتاوى التي ظهرت بالجملة قبل اسفتاء 25 مايو لتتحدث عن أن مقاطعة الاستفتاء هي كتم للشهادة و من يقوم بذلك آثم قلبه.

الا أن هؤلاء كلهم موظفون بالدولة عينتهم السلطة التنفيذية و تمنحهم في أول كل شهر راتبهم. و على الرغم من تجاوز الدولة التي تستغل كل شيئ ، بدلا من تطبيق حديثها عن عدم استغلال الدين في السياسة - و هي الحجة التي يحبون ذكرها لتبرير استبعاد الاسلاميين من الساحة السياسية - ، فإن مصداقية هؤلاء المشايخ قليلة للغاية لمعرفة الجميع انعدام استقلاليتهم ، و عادة ما يوصفون ب"مشايخ السلطة" ، فضلا عن انه لا سلطة روحية لهم - أو لغيرهم- على غيرهم من المسلمين ، مقارنة باستقلالية الكنيسة عن الدولة و تأثيرها على رعاياها.

و صحيح أيضا أننا شاهدنا لافتات المبايعة باسم نبيل لوقا بباوي .... عفوا! باسم 70 مليون مصري و بتوقيع نبيل لوقا بباوي ، و سمعنا تصريحاته في مدح الرئيس و شاهدناه على القنوات الفضائية ينفي تهم التحرش و الاعتداء عن الحزب الوطني.

الا أنه يظل مجرد "شخص" لا يعبر سوى عن نفسه ، فضلا عن أنه يعد "خائنا" في بعض الأوساط القبطية على حد علمي.

و صحيح أيضا أن الطائفة الانجيلية قد أعلنت تأييدها لمبارك منذ عيد القيامة الماضي.
الا أنها تظل طائفة صغيرة الحجم مقارنة بالأقباط الأرثوذكس.

و صحيح أن البابا شنودة صرح منذ مدة بأنه لا يرى في الساحة بديلا لمبارك.
و لكن هذا يعتبر رأيا سياسيا يختلف تماما عن بيان المبايعة و التأييد السابق ذكره.

يأتي وقت الأسئلة:

لماذا؟ ما الذي دفع الكنيسة للقيام بذلك؟ هي على حد ما أفهم مستقلة و لم تكن مجبرة على هذه المبايعة؟ هل تراهن على الجواد الرابح؟ ما الذي ستربحه؟
هل ستقوم الكنيسة بمثل هذا في كل انتخابات؟ و هل ستشارك في لعبة السياسة من الآن فصاعدا؟ و لماذا رفضت مثلا دعوة من الاسلاميين لتأسيس حزب مسيحي؟
و ماذا سيحدث لو - على سبيل الافتراض -لم يترشح الرئيس مبارك في الانتخابات من الأصل؟
و هل هذا القرار ملزم للمسيحيين الأرثوذكس؟ و ما موقف من يعارض منهم هذا الترشيح؟
و ما موقف المسيحيين من الحركات الداعية للتغيير؟ هل يخافون المستقبل و يفضلون تأييد مبارك لخوفهم من "بعبع" الاسلاميين؟
أنتظر ردك عزيزي راء.

المقال كاملاً والتعليقات

Saturday, July 23, 2005

جيم: عن المبشرين

عزيزي راء
قرأت سؤالك
"لماذا لا يتبرّع المسلمون لتمويل "المبشرين" الذين ترسلهم الكنيسة في الدول النائية حديثة العهد بالمسيحيّة أو ذات الأقليّات (مثلاً: دول أفريقيا الاستوائيّة/ إندونيسيا/ الصين)."
الاجابة بسيطة نوعا ما - دون دخول في كثير من التفاصيل -:
لأن المسلمين لا يؤمنون بالعقيدة المسيحية و لذلك لا يتبرعون لنشر ما لا يؤمنون به.

المقال كاملاً والتعليقات

Monday, July 18, 2005

هل يتبرّع مسلمون لتمويل إرسال "المبشرين" المسيحيين حول العالم؟

عزيزي ميم،
ها أنا أعود أخيراً لطرح سؤال:
سؤال سريع (وليس بسيطاً) باغتني هذا الصباح، وهو من جُزْأَين، أطرح جُزأَه الأوّل اليوم والبقيّة بعد إجابتك.

السؤال لك ولجميع القرّاء على السواء:
"لماذا لا يتبرّع المسلمون لتمويل "المبشرين" الذين ترسلهم الكنيسة في الدول النائية حديثة العهد بالمسيحيّة أو ذات الأقليّات (مثلاً: دول أفريقيا الاستوائيّة/ إندونيسيا/ الصين)."
ملحوظة: عمل هؤلاء "المبشرين" الأساسيّ هو رعاية الأقليّات الدينيّة المسيحيّة في هذه الدول، وتعليمهم أصول دينهم، لكنّ دورهم-بالطبع-قد يمتدّ لتبشير غير المسيحيّين بالإنجيل (إذا أتيحت الفرصة أو إذا سُئلوا عمّا يؤمنون به).
هل يضيرك أن تتبرّع أنتَ لهذا؟

المقال كاملاً والتعليقات

Saturday, July 09, 2005

إعلان مجانيّ: مناقشة تستحق مشاركة أكبر

عزيزي ميم،
طبعاً أحد أهدافنا غير السين والجيم المتبادل بيننا كان إلقاء الضوء على محاولات أخرى جادّة لفهم أوضاع المسيحيين والمسلمين وعلاقاتهم في مصر، وعلاقة كلّ هذا بمستقبل مصر كدولة تعاني من وعكة صحيّة، بل داء عضال مزمن، بل أعراض حادّة لمرض مزمن طويل.

وفي سؤالك السابق، وإجابتي المحدودة بحدود معرفتي، طُرِح موضوع يستحقّ أكثر من مجرد سؤال وجواب، ألا وهو: الأقباط والمواطنة.

وقد بدأ الدكتور/حنّا جريس، وهو رجُل أعتز بمعرفته وأستمتع بالاستماع إليه وقراءة ما يكتب، مدوَّنته "رؤى مصريّة"، وقد بدأ فيها نقاشاً متعلقاً بـحوار أدلى به لإسلام أونلاين:
موضوع النقاش هو "الأقباط وسؤال المواطنة".

أتمنّى أن تذهب أنت وقرّاء راء وميم إلى هناك للمشاركة و"شعللة المناقشة".
ـ

المقال كاملاً والتعليقات

Monday, June 13, 2005

جيم: أقباط في القدس! وماله؟

عزيزي ميم...
آسف على كلّ هذا التأخير في الرد على سؤالك الأخير، خاصّةً أنّني لا أستطيع أن أزعم أنّ الانشغال هو السبب. غالباً السبب هو صعوبة أن أكتُب في موضوع لم يكُن في بالي مطلقاً ثم صعوبة أن آتي بردٍّ صادق موضوعيّ ومفيد في الوقت نفسه. والمشكلة الأكبر هي أنّ سؤالك المركّب-كالعادة-يفتح في ذهني عشرات الموضوعات (أكثرها لا علاقة له بالأسئلة المباشرة).

لكن حيث إنّ السؤال نُشِر بالدستور على مرأى ومسمع من الآلاف (على افتراض أنّه قُرِئ)، فسأقاوم كسلي وحبّي للاستطراد بلا نهاية، وسأحاول الإجابة (لكنّني لن أتفادى الإطالة: اعذروني!).
ولأذكِّرْ القرّاء بقواعد حوارنا الدائم: الهدف التعارف لا التجادُل، وكلٌّ منّا لا يمثِّل إلاّ نفسه ولايتحدّث باسم أحد.

سألتَني يا ميم عمّا نُشِر بشأن زيارة بعض الأقباط إلى القُدس بمُناسبة عيد القيامة (لا الفصح كما يردِّد من لا يعلمون). وتعجّبتَ إن كان هذا تعدّياً على قرار البابا شنودة، أو تراجُعاً في وطنيّة مسيحيّي مصر.
والحقّ يُقال إنّ سؤالك في البداية لم يستفزّني-على عكس ظنّك-ولكنّه فاجأني بموضوع لا أفكِّر فيه مطلقاً ولا يعني لي الكثير: زيارة مدينة القُدس وما بها من أماكن مقدّسة.
بعد ذَلك، تبحّرتُ في سؤالِك، فوَجَدْتَه حمّالَ أوجُه، وشابَني بعضُ الاستفزاز (سيتضِّح لكَ سببه). إليكَ إجاباتي عن ثلاثة العناصِر البارزة في سؤالك.

١) القُدس و"المقدِّسين":
سأبدأ مباشرةً بقراءة الحدث: أقباط يزورون القُدس، ثم تلتقط وسائل الإعلام هذا الخبر، بما فيها صحف دولة إسرائيل السعيدة المحتفلة بالزيارة "التطبيعيّة".

١-١: ليس لديّ شخصيّاً أيّ دافع لزيارة القدس. فهي ليست على قائمة الأماكن التي أنوي زيارتها يوماً ما. ولا تمثِّل هذه الزيارة-على حدِّ علمي-واجباً دينيّاً عند أيّة طائفة مسيحيّة (اللهمّ إلاّ حين أرادَها باباوات القرون الوُسطى كذلك لظنّهم أنّ العالم كلّه يدور في فلكهم، وأنّ عليه أن يخضع لما يؤمنون به). فربُّ القُدس أهمُّ من القُدس وأهمّ من أيّ مكان، وهو كائن في كلّ مكان.
سألتُ الزميل/ ميلاد، خوفاً أن أكونَ أنا حالة خاصّة، فقال لي: "زيارة القدس بالنسبة لي لا تزيد أهميّةً على زيارة طوكيو." وكتب ردّاً على سؤالك (أنشره كاملاً كتعليق أوّل-رغم أنّه كُتِب منذ شهر ونصف)

١-٢: لماذا يزور المسيحيّون القُدس إذاً؟
زيارة الأماكن ذات المغزى الدينيّ والتاريخيّ هي أحد أهمّ مظاهر السياحة (وبالتالي مصادر الدخل) في العالم كلّه. وفي مصر-كما في غيرها-تكاد مظاهر الديانة "الشعبيّة" تكون أقوى من الديانة الرسميّة (العالميّة/الكونيّة)، فهي التي تجعل الناس يحتفلون بالقدّيسين والأولياء وموالدهم، بل ويقيمون علاقات "روحيّة" قويّة معهم، ويزورون المقامات والأضرحة والأديرة. فما بالَك بمَقام "سيِّدنا المسيح"؟ لا شكَّ أنّ بعض المسيحيين (وبالذات في الغرب) يحبّون زيارته (لا سيّما أنّ هناك من تغيّرت حياتهم جذريّاً حين شاهدوا مقدار فقر مدينة الناصرة التي تربّى فيها مِحور ديانتهم: مثل شارل دى فوكو والقديس إغناطيوس دى لويولا).
أمّا في مصر مثلاً، فلا شكّ أنّ تأثير الجيران المسلمين-خاصّةً في الريف-العائدين من الحجّ في ثيابٍ بيض مُحتَفَلاً بهم، الراسمين على الجدران رسوماً تفيد حجّهم، جَعَلَ المسيحيّين المقتدرين يطمعون في لقبٍ مُناظِرٍ للقب "الحاج". ومن هُنا نجد من أجدادنا من أحبّ الـ"حجّ" إلى مكان ميلاد المسيح وإلى كنيسة القيامة، ثم العودة كالأبطال إلى الكنانة حاملاً لقب: "مِقَدِّس" (بكسر الدال ونطق القاف جيماً ريفيّة).

١-٣: أخيراً، عن الخبر المُعلن واحتفاء إسرائيل به: هذا الخبر لا يمكن اعتباره شيئاً ذا وزن، ليس لأنّه غير حقيقيّ، بل-بالعكس-لأنّه عادي جداً. ففي كلّ عام يزور عشرات المسيحيّين المصريّين القُدس، سواء في رحلة تنظِّمها كنائس غير قبطيّة أو من مالهم الخاص، (وبالطبع يزورُهاغير المسيحيّين أيضاً).
ومِن هؤلاء المخالِفين التعليمات من "يطنّش" تماماً، ومنهم من يعترف بذنبه ويعتذر ويطلب الصفح من البابا (سرّاً أو علناً على صفحات الجرائد).
وأنّى للكنائس المختلفة بتتبّعهم وملاحقتهم؟ لا يوجد "جهاز أمن كنيسة" أو "هيئة مُخابرات إكليركيّة!"، ولا يوجد عددٌ كافٍ من القسوس و"الخدّام العلمانيّين" لمراقبة عوام الأقباط ومحاسبتهم (هذا إن كانوا يذهبون للكنيسة أصلاً).

لننتقل إذاً إلى الفقرة التالية.
البابا؟

٢) البابا شنودة: الرجُل والقرار
٢-١: البابا الصعيدي والكرامة
لا أستطيع التحدُّث في هذه المدَوَّنة أو في غيرها عن البابا شنودة الثالث إلاّ بعد مقدمة هدفُها سَبْر غَوْر هذا الرجُل (خاصّةً أنّ جُلَّ ما يُكتَب عنه جَعجَعةٌ انفعاليّة سواء أكانت مدحاً أو قدحاً):
لا يُمكِن فهم البابا شنودة بدون فكّ بعض "مفاتيح شخصيّته" (مفتاح الشخصيّة عرّفه العقّاد في عبقريّة عُمر بأنّه تلك الكلمة التي تفسِّر كلّ شيء عن شخصيّةٍ ما). فلا يُمكِن فَهمُ الرئيس مُبارك مثلاً دون مفتاحين: التنشئة العسكريّة/ ابن المنوفيّة.
كذلك لا يُمكِن فهم بابا الأسكندريّة إلا بمفتاحين :
الكرامة/ الصعيد.
لا يُمكِن أن تُغفِل كلمة "الكرامة" (والتكريم؟) وأنت تتكلّم عن البابا شنودة، بكلّ ما يصحب تلك الكلمة من نقاط قوّة وضعف. الكرامة الشخصيّة، التي يقول عنها البابا نقلاً عن أحد القدّيسين "مَن سَعى وراء الكرامة هربت منه، ومن هرب منها سعت وراءه"، هي-في نظري-مفتاح سحريّ لفهم الرجُل.
وإن كان هو شخصيّاً يُنادي بالهرب من الكرامة والتكريم (ولا يعني هذا بالضرورة أنّه ينجح في تطبيق ذلك)، فهو لا يقول الشيء نفسه عن كرامة الكنيسة وكرامة الوطن. فبالنسبة لرئيس الكنيسة، التسامُح في الحقّ الشخصيّ نُبل وشجاعة، والتسامُح في (ما يعتبرُه) حقَّ الكنيسة أو الوطن خنوعٌ وخيانة (على الأقلّ هذه رؤيتي لموقفه، ويمكنني لاحقاً تحليل عدد من عظاته وخطاباته وتصريحاته لتوضيح نظريّتي).
من هذا المُفتاح يمكن فهم مواقف البابا شنودة مع "مرئوسيه"، ومع الڤاتيكان، ومع رؤساء مصر، ومع معارضيه داخل الكنيسة، ومع جميع من يلقاهم. أضِف إلى هذا بالطبع هالةَ البطولة التي تُحيط به أينما ذهب-عن استحقاق أحياناً وعن وَلَع العامّة غير المبرَّر بـ"الأبطال/الرموز" أحياناً أخرى-والتي تجعله يشعُر دائماً بأنّ "أبناءه" ينتظرون منه أن يفعل كذا وكذا، وأنّه لا يُمكن أن يخذلهم.

٢-٢: لماذا منع البابا شنودة زيارة القُدس؟
الأسباب المباشرة هي ما أعلنه:
ا) احتجاجاً على عدم تسليم دير السلطان إلى الكنيسة القبطيّة*.
ب) تضامناً مع القضيّة الفلسطينيّة ("لن ندخُل القدس إلا مع إخوتنا المسلمين").
أمّا الأسباب الباطنيّة، فتكُمن في عدّة أمور:
ا) موقف البابا الشخصيّ من القضيّة الفلسطينيّة، وتفضيلاته السياسيّة: يختلف المراقبون حول انتماء البابا شنودة، وهل هو ناصريّ أم وفديّ... لكنّ ما لا يختلفون عليه أنّه رجُلٌ عاصَرَ تأجُّج الحركة الوطنيّة المصريّة (قبل الثورة وبعدها) وأنّه خدم في القوّات المسلّحة، وبالتالي فهو مشبّع بمفردات المقاطعة.
ب) الوضع السياسيّ الحالي والاحتقان المستمر والحساسيّة المستمرّة بشأن أيّة عودة للعلاقات مع دولة إسرائيل (بالرغم من معاهدة السلام).
جـ) قرارات مجلس كنائس الشرق الأوسط، الذي يضمّ أكثر من كنيسة أرثوذكسيّة من أقدم كنائس العالم، والذي يؤازر دائماً المواقف العربيّة (لعروبة هذه الكنائس).

٢-٣: كيف يفسّر جمهور الأقباط موقف البابا شنودة؟
ما سأكتبه هنا مؤسف، لكنّني لا أستطيع إنكاره: بالرغم أنّ نفراً قليلاً من المثقفين والمتعلمين وكبار السن من المسيحيّين المصريّين (لا سيّما الناصريين منهم) يتضامنون قلباً وقالباً مع قرار البابا، إلاّ أنّ عدداً كبيراً من العامّة والخاصّة (أي بعض الأساقفة) يبدو أنّهم لا يفهمون المعنى الحقيقيّ لمنع زيارة القدس، بل يعدّونها "ورقةً في يد الكنيسة" تلعب بها في مساوماتها مع الدولة. موقف هؤلاء "العامّة" هو موقف "پراجماتيّ" إذن، وهم يعتقدون (وتسمعهم يتكلّمون في المحافل بكلّ ثقة في ما يقولون) أنّ البابا شنودة "رجُلٌ سياسيّ دبلوماسيّ محنّك"، ومن ذكائه اتّخذ هذا الموقف المُقاطِع كي يحمي الأقباط من شُبهة "التحالف مع العدوّ" وكي يظهر للدولة أنّ الأقباط "يحافظون على عهدهم" مقابل حماية الدولة المستمرّة لهم. كلّ هذا مؤسف للغاية لأنّه يعكس غباءً (بل غباوة وغشاوة) وسطحيّة، لكنّ هذه ثمرة الأيّام الساداتيّة وتوازناتها (لاحظ مثلاً رأي عزّت أنداوس الذي يمكن تمييزه رغم محاولته للموضوعيّة هنا*). قد تسمع تفسيرات أخرى تتوقّف على المُفَسِّر، ومن أطرفها أنّ الموقف الـ"شنوديّ" هو نتيجة عناده مع السادات، وفي رواية أخرى أنّ هذا الموقف هو سببٌ محوريّ في عزل السادات للبطريرك.
دعنا من التفسيرات، ولنمضِ إلى آخر نقاط سؤالك.

٣) الوطنيّة:
لعلّ هذا هو الجزء المستفِزّ حقّاً في سؤالك، وسيكون هو الجزء المُستَفِزّ أيضاً في إجابتي.
"إيه بقى موضوع وطنيّة الأقباط؟" لماذا تُساءَل وطنيّة مسيحيّي مصر دائماً ولا تُساءَل وطنيّة بقيّة المصريّين؟
دعني أسأل سؤالاً غبيّاً: ما علاقة زيارة القدس بالـ"وطنيّة"؟
الموقف الوطنيّ المصريّ من إسرائيل نظريّاً مُحايد، بعد عودة آخر جزء من سيناء (بغضّ النظر عن رأيك في بنود المعاهدة).
أمّا ما تخدشه زيارة القُدس فهو الموقف القوميّ العروبيّ (الناصريّ) وموقف الإسلام السياسيّ الذي أقحم نفسه مؤخّراً على قضيّة فلسطين حتّى حوّلها من قضيّة عربيّة إلى قضيّةً إسلاميّة (ممّا زاد من تهميش الأقباط إزاء القضيّة).

لا أستطيع أن أقول إنّ من يزور القُدس أقلّ وطنيّةً ممّن يبقى في بيته، ولا أن أقول إنّ هذا وذاك أكثر وطنيّةً ممّن هاجر البلاد وعاش شرقاً أو غرباً.
لكن، بلا شكّ أنّ زيارة القُدس هي تحدٍّ للموقف القوميّ العروبيّ بلاءاته الثلاثة. وهذا غير مُستغرب، فأكثر المسيحّيين يفضّلون الانتماء للوطن (سواء بالطريقة السعديّة/الوفديّة أو بطريقة مصطفى كامل) على تبنّي موقف عروبيّ (اشتراكيّ أو وناصريّ)، وبالتأكيد لن تجد مسيحيّاً مصريّاً يتبنّى الموقف الـ"إسلاميّ" تجاه القضيّة (باستثناء جمال أسعد عبد الملاك مثلاً الذي رُشِّح لمجلس الشعب على قائمة حزب العمل الإخوانيّة).

والآن إلى مسلمي مصر. هل تظنّ يا ميم أنّ مسلمي مصر أكثر وطنيّةً من مسيحيّيها؟
هل مظاهرات رفض تدخُّل أمريكا هي موقف وطنيّ؟
لماذا لا تقوم مظاهرات رفض لتدخُّل السعوديّة مثلاً؟
لماذا يخرج مصريّون مسلمون إلى الشوارع ويخاطرون بإسالة دموعهم (وأحياناً دمائهم) احتجاجاً على مقتل فلسطينيّين (عرب مسلمين)، أو احتجاجاً على غزو العراق (العربيّ ذي الأغلبيّة المسلمة)، أو رفضاً لممارسات الصرب في البوسنة (المسلمة) والروس في الشيشان (المسلم) ولم يتظاهر مواطِن واحد حين قُتِل مَن قُتِل من المصريّين في المنيا وفي منشيّة ناصر وفي الكُشح؟
ولماذا قامت الحُكومة الوطنيّة المصريّة ولم تقعُد حين قُتِل سُيّاح في الأقصر، وقَعَدَت ولم تقُم مناديةً بضبط النفس حين قُتِل مواطنون مصريّون (كانوا بالصدفة مسيحيّين)؟
ـ{أرجوك لا تردِّد اسطوانة "الراديكاليّين المسلمين المعتقلين في السجون" كمقارنة. أنا وأنت نرفُض تعذيب أيّ مواطن (وأيّ إنسان) تحت أيّة ذريعة، لكن مقاومة الحُكومة للمُعارضين سياسيّاً (حتّى إن كانت متعسِّفةً ظالمة) لا يُمكِن مقارنتها بمقتل مواطنين مدنيّين بلا موقف سياسيّ}ـ.
ولاّ إيه؟

وفي هذا الصَدَد، أتذكّر قولاً للدكتور حنّا جريس (وهو طبيب تحاليل وليس دكتوراً في التاريخ، لكنّه درس التاريخ المصريّ بكافّة عصوره ودرس علم الآثار) موجزه أنّ أحد "ترمومترات" الوطنيّة لدى مسيحيّي مصر يُمكِن قياسه في تفضيلات ديانتهم الشعبيّة: فنجد أنّ القدّيس المفضّل في مصر في فترة الستينيّات كان القديس مينا/مارِمينا (المصريّ) في مقابل القدّيس جرجس/مارِجرجس (الرومانيّ) والذي يصير البطل في أوقات تراجُع الوجدان الوطنيّ لدى المصريّين. ومن هُنا أيضاً تسمية الكاتدرائيّة الجديدة (المبنيّة في نهايات الستينيّات) على اسم الأنبا رويس (القديس المصريّ البسيط)، والإصرار على عودة رفات القدّيس مرقس مؤسّس كنيسة مصر في مطلع السبعينيّات.
قارِن النزعة الروحيّة/الوطنيّة في الستينيّات ومطلع السبعينيّات بيومنا هذا (حيثُ يسود التفكير الغيبي كردّ فعل للأزمة الاقتصايّة ولمخاوف الأقباط): القدّيسون المفضَّلون لدى الأقباط اليوم هم "قدّيسون جُدُد" أو بالأحرى قّديسون اكتُشِفَت سيرهم مؤخّراً أو قدّيسون عُذِّبوا في عصور الاضطهاد، ويتوازى هذا مع شيوع زيارات الأديرة (التي كان يحتمي بها المسيحيّون وقت الاضطهاد، والتي تعكس ثقافة الانعزال والاحتماء بالأسوار من "ضغوط العالم الشرير"). كلّ هذا الـ"أتموسفير" يساهم بشكل أو بآخر في الحلقة المفرغة: (تقوقع المسيحيّين وتهميشهم الذي يؤدي لمزيد من التقوقع فالمزيد من التهميش) وفي خلق ثقافة عُقدة الاضطهاد (بغضّ النظر عن كَوْن مُسَبِّب الـ"عُقدة" حقيقيّاً أم وهميّاً أم بينَ بين). وحتّى اختيار الأساقفة وبزوغ الـ"أبطال" في المجتمع القبطيّ يرتبط كثيراً بتلك العوامل السياسيّة/الاجتماعيّة/السيكولوجيّة.
فمن البابا كيرلّس الذي يُعَدُّ بطلاً "روحيّاً" ورجُل صلاة ومعجزات، نجد الأقباط ينتقلون إلى الافتخار بالبابا شنودة رجُل التعليم والمواقف أو الافتخار بهؤلاء القسوس الذين لا يخافون ويدافعون عن العقيدة سرّاً وعلناً. أضف إلى هذا كلّه تضخُّم بقيّة ملامح الفكر الغيبيّ والحاجة للمعجزات والشفاء بالطرق غير الطبيّة متوازياً مع صعوبة العَيْش وغلاء العِيش!
أخ! تَشتَّتُّ الآن في نقطة فرعيّة...

الخُلاصة إذن هي:
١-زيارة القُدس ليست علامةً على تراجُع الوطنيّة بل على التخلي عن الفكر القوميّ العربيّ لدى غالبيّة الأقباط.
٢- ولكنّ هذا لا ينفي أنّ الوطنيّة نفسها في تراجُع كبير بصفة عامّة (في مصر) على حساب النزعة الانفراديّة والأسريّة من جانب (أنا وأولادي ومن بعدي الطوفان) وبروز الانتماء الطائفيّ/الدينيّ إلى قمّة سلّم الأولويّات من جانب آخر.
٣- الأقباط كغيرهم من مواطني مصر (أو سكّانها إن شئت الوصف الأدق) يتأثرّون بما يحدُث حولهم من أوضاع سياسيّة اقتصاديّة اجتماعيّة نفسيّة لهذا البلد الذي يمرّ بوعكة طالت إلى حدّ المرض المزمن!
٤- مشكلة زيارة القدس ليست المؤشر الأهم عن تراجُع "وطنيّة الأقباط"، بل السؤال الحقيقيّ هو: لماذا صار المسيحيّون المصريّون في لا مبالاة (أكثر من أيّ وقت مضى منذ ١٩١٩) تجاه المشكلات التي لا تخصّ الكنيسة؟ لماذا لم يعُد الأقباط المصريّون يغضبون للحالة الاقتصاديّة ولا الفساد ولا تعديات الأمن ولا تهميش المواطنين إلا حين يمس ذلك شئون المصريّين ذوي الديانة المسيحيّة؟

والسؤال الأنكى هو:
ما هو المشروع الوطنيّ الموحّد الآن؟
{توشكى؟ تخضير الصحراء؟ العزيمة والإرادة؟ عام ٨٠ عام الرخاء؟ هأو}
ألا تتّفق معي أنّه لا يوجد مشروع وطنيّ حقيقيّ تقريباً منذ ١٩٧٣،
بعد المشروعات العملاقة: الاستقلال، السد العالي، تحرير سيناء.

أليس هذا هو مربط الفرس؟ أم أنّ الفرس لا مربط له؟
ـــــــــــــ
* عزّت أندراوس- مشكلة دير السلطان (موقع تاريخ أقباط مصر)ـ

Related Topic: Copts, Muslims, and our Defunct Public Space - by Baheyya

المقال كاملاً والتعليقات

eXTReMe Tracker