عزيزي راء
أعتذر في البدء عن تاخري في الاجابة على سؤالك " الصعب و ليس البسيط على فكرة"...
سألتني عن نظرة المسلمين المصريين الى دخول العرب الى مصر في القرن الأول الهجري و هل يعدون أنفسهم حاميين أم ساميين....
جيم
الآن و في هذه اللحظة فان معظم المسلمين اذا سألوا عن ذلك الدخول سيعدونه فتحا مباركا أدخل الاسلام الى مصر .....
أما اذا كانوا يعدون أنفسهم عربا ساميين أم مصرببن حاميين فهو سؤال صعب حقيقة...
حاولت أن أسأل الناس فكانت اجاباتهم مضطربة
-" هل تعد نفسك مصريا أم عربيا؟"
- " انا مصري عربي أو عربي مصري ، و هل هناك مصري غير عربي؟"
-" اذن هل ترى أجدادك هم العرب من الجزيرة العربية أم فلاحي وادي النيل القدماء..؟"
-" حسنا ، بالتاكيد هناك "عرق" في كل منا من الفلاحين طبعا..."
-" كيف تنظر لنفسك اذن ، كيف تعرف نفسك؟"
-" و لم يجب أن يكون هناك تناقض... اممممم.... لا أعرف ... مصري و عربي... أعتقد أن مصري تأتي في المقام الأول ؟"
-" هل أجدادك أقباط اذن ؟"
-"لا ،أجدادي مسلمون..."
-" طيب لو قبطي بمعنى مصري قديم ؟"
-" قبطي يعني مسيحي و انا مصري مسلم عربي... حسنا ... أعتقد انك تقصد أن المصريين القدماء هم أقباط ؟ لا أعرف حقيقة.... "
سأتجاهل هذا الالتباس و أذهب الى آراء المثقفين...
في بداية القرن العشرين عندما كانت الدولة المصرية الحديثة و الوطنية المصرية في طور التعريف ، توزعت الآراء كثيرا .....
لم تكن القومية العربية ولدت بعد....
اتذكر مثلا كتابا لتوفيق الحكيم عبر فيه عن اعجابه بأخلاق الفلاح المصري المستقر و احتقاره لأخلاق البدو الهمجية.... هذا في الطبعات الحديثة... أما الطبعات القديمة فكانت كلمة العرب هي الأصل الذي تم استبداله بالبدو...... في كتابات لاحقة بعد ثورة يوليو كتب الحكيم أنه ينظر لنفسه كمصري ثم كعربي كما هو توفيق ثم حكيم ، كشخص و عائلة....
و كان هناك من رأى أن مصر ترتبط بوحدة طبيعية مع حوض البحر المتوسط مزدريا هجمات البدو و ابناء الصحارى على المراكز الحضارية المستقرة....
و كان هناك من رأى مصر فرعونية في الأساس
الا أنه بعد قيام ثورة يوليو أصبحت القومية العربية و الوطنية المصرية مرتبطتين ارتباطا قويا باعتبارهما الشيء الصحيح الذي يخرقه الشعوبيون .....
ثم جاء السادات بخطاب شوفيني لا أستطيع هضمه عندما بدا الخطاب المعادي للعرب .... ليس كثقافة أو تاريخ بل كانفصال سياسي رسخ البذاءة و العنصرية.... ( رأي شخصي )
ثم جاءت أيام ( مصريتنا وطنيتنا حماها الله ، الله ، الله ) و هي سياسة التجميد و الحلول الباردة و المسكنات الموضعية و يبقى الحال على ما هو عليه ...
دعني أقفز لعدة آراء للمثقفين الحاليين....
صنع الله ابراهيم في رواية امريكانيللي يمكن تلخيص رأيه بأنه يرى أن دخول العرب لمصر سبب انقطاعا مع استمرارية ناريخها مما أدى لتأخرها ، الا أن السبيل الوحيد الآن لنهضة هذه المنطقة هي النكامل العربي...
سلوى بكر في رواية البشموري ترى أن الحكام العرب فرضوا سياسات سيئة على المصريين المحكومين الذين عانوا سواء كانوا مسلمين أم مسيحيين و أن التحول التدريجي من المسيحية للاسلام لم يكن تغييرا اضطراريا و لم يسبب انقطاعا بين المصريين و تاريخهم الطويل
حفيد أحمد لطفي السيد ينادي بحزب فرعوني فيقابل بسخرية و لا يأخذه أحد على سبيل الجدية و من أخذه على سبيل الجدية استاء من رسالة الحزب الشعوبية....
الاسلاميون و القوميون العرب ينهمكون في معارك مضنية عرب أم مسلمون .... ثم فجأة تصمت المدافع و يتفقون على أننا عرب و مسلمون....
المسلمون العلمانيون يهاجمون الصورة الوردية المثالية للتاريخ الاسلامي التي يبشر بها الاسلاميون و يقدمون صورة قبيحة له في مصر.... يرد الآخرون بعصبية من تتعرض أسس خطابه للخطر....
الليبراليون يرفضون القومية العربية و الاسلامية و ينادون بالتخلص من تلك السياسات الراديكالية مبشرين بمصلحة مصر أولا ..... فيتقارب الاسلاميون و القوميون و تتشابك كلماتهم عن العراق و فلسطين.... بسمون انفسهم " يمين و طني و يسار وطني"
و أعود لأذكر بانه بالنسبة لرجل الشارع فان المسألة محسومة بالنسبة للقضية الاولى الدينية ( عن دخول الفتح العربي) أما الموقف من العرب فهو مثل المد و الجزر.... يتصاعد مع احداث كغزو العراق و يهبط بعد مباراة كرة قدم تخسر فيها مصر أمام تونس....
أعتذر حقيقة اذا لم تصل لرأس أو ذيل مما سبق يا راء و لذا سانتقل الآن الى رايي أنا
الدخول المصري الى مصر في القرن الأول الهجري أعده.... هممممم.... فتحا ..... و اهز رأسي و أقول أنها سنة التاريخ في عصر الامبراطوريات التوسعية... الصحاري تهاجم الحواضر...
أما النقطة التي جعلتني أقف أمام المرآة كثيرا و أتأمل ملامح وجهي مفتشا عن أجدادي فهي سؤالك الثاني.... ثم تخلصت من الصداع بقولي أنني أكره دعاوي النقاء العرقي التي تصيبني بحساسية حقيقية... ثم أعود لأنظر مجددا في المرآة... كلا لست داكن اللون بما فيه الكفاية لأكون حاميا.... سامي اذن ؟ ثم اتذكر جدي لوالدتي الذي كان داكن اللون... فأصل لاجابة بأنني مصري و كفى... أجدادي أقباط دون شك.... عربي اللسان... مسلم الاعتقاد... الشعر الداكن و اللون الفاتح يقولان أنني سامي و لكنني لا أملك وسيلة للتأكد !
ثم أفتح كتاب شخصية مصر لجمال حمدان ( الجزء الرابع - الباب الحادي عشر) و أقرأ.... فيلفت نظري الى ان عرب الجزيرة و المصريين من أصل واحد في عصر السافانا قبل أن يفصل بينهم عصر الجفاف... و الى أنه حسب الرواية الدينية فان ابراهيم تزوج من مصرية هي هاجر لينجب أبا العرب اسماعيل.... و ان اسماعيل تزوج هو ايضا من مصرية... و الى أن موجات الهجرة و ما تلاها من اختلاط من بادية الجزيرة العربية الى مصر عبر سيناء لم تنقطع قبل الفتح الاسلامي أو بعده .. ثم يخلص الى قوله أن مصر فرعونية الجد عربية الأب .... أو أن الفرعونية هي الأب البيولوجي أما العروبة فهي الأب الاجتماعي و الثقافي لأن العرب كانوا أقلية وسط المصريين.... و يصف الالتقاء المصري العربي بالتقاء أحفاد من جد واحد.....
أتمنى ان اكون قد اجبت على سؤالك... و الآن الى....
سين
أسمع كثيرا شكوى من أقباط المهجر عن عدم تولي الأقباط لمناصب حكومية .... هل هناك بالفعل مناصب و ادارات لا يسمح فيها للأقباط بالعمل ؟ و ما نسبة الأقباط في تلك المناصب الحكومية الى نسبتهم في الوطن ؟ و هل توافق على مثل هذه النظرة التي تطالب بالمحاصصة الطائفية أم أن هناك بالفعل طائفية موجودة اصلا تنفي الأقباط من اجهزة الدولة ؟
و كل عام و أنت بخير....
المقال كاملاً والتعليقات