راء و ميم

راء و ميم في سين و جيم عن النصارى و المسلمين

Friday, January 21, 2005

كل سنة وأنت طيّب، فين العيديّة؟

راء وميم ليسا شخصَيْن كئيبَيْن. ومدوّنتهما ليست لتغطية أحوال ساخنة والاستقصاء بشأن الفِتَن فحسب، بل هي مُدَوّنة تعارُف هدفها درء الأساطير التي ينسُجها بعض المسيحيين والمسلمين حول بعضهم البعض بسبب نقص التواصل.

مدوّنتنا إذن لمعرفة كلّ ما لا نعرف، وليست عن الأفكار السلبيّة فحسب، كما أنّنا-كما أسلفنا مراراً-ليست نزالاً ولا جدالاً.
فليس هدف ميم الدفاع عن المسلمين على طول الخطّ، وليس هدفي أنا الآخر تبنّي الخطاب الرسميّ للكنيسة القبطيّة.

بمناسبة الأعياد الأخيرة: حيث احتفل االمسيحيّون بعيدَ الميلاد-المسمّى أحياناً بالصغير-في ٧ يناير وعيد الغطاس (واحتفالاته محدودة لكنّها لا تخلو من القصب واليوسفيّ والقُلقاس) في ١٩ يناير، واحتفل المسلمون بعيد الأضحى-العيد الكبير-(ولا يزالون يحتفلون) بدءاً من العاشر من ذي الحجّة، ٢٠ يناير،،
يرد بخاطري السؤال الضروريّ عن العيد والعيديّة...

في المسيحيّة سبعة أعياد كُبرى (تُسمّى بالأعياد السيّديّة الكُبرى نسبة للسيّد المسيح) وسبعة أعياد صُغرى (تسمّى بالأعياد السيّديّة الصُغرى) وأعياد للسيّدة العذراء والقدّيسين (يحتفل فيها البعض بموالد على غرار التقاليد الفرعونيّة القديمة).
لكنّ التقاليد الحديثة خصّت عيدَيْ الميلاد والقيامة بلقبَيْ العيد الصغير والكبير، رغم أنّ الأقباط في القرون الأولى كانوا يولون عيد الغطاس أهميّةً أكبر من عيد الميلاد (الذي نُظّم أساساً لاستبدال عيد للنور عند الرومان).
المهمّ أنّ العيدين الهامّين الآن هما الميلاد والقيامة (وربمّا كان هذا للتناسُب مع العيدين الإسلامييّن الصغير والكبير أيضاً). وفي هاتين المناسبتين، تتجمّع الأسر المسيحيّة ويستعدّ أطفالهم (بل وشبابهم دون سنّ العمل) للمنحة العائليّة المسمّاة بالعيديّة.
والتي تتراوح من جنيه واحد إلى عشرات الجنيهات (وربما المئات أيضاً) .
بالنسبة للمانحين، فما زال البعضُ يحرصون أن تكون عيديّاتهم أوراق نقديّة جديدة طازجة خارجة من البنك لتوِّها.
أما الممنوحون، فبعضهم "يتَشَبْرَقون" بالعيديّة كاملةً فيخرجون يوم العيد و"يفرتكون" المبلغ المحترم، والبعضُ يدخّرونها، إذ تشكّل رأسمال لا بأس له للاستمتاع طوال العام. (شخصيّاً كان معرض الكتاب ضالتي التي أفرتك فيها عيديّتي- يا خيبتي!!).
كذلك تختلف طُرُق منح العيديّة واستقبالها باختلاف الأشخاص وطباعهم، فهناك من يتلقّاها وكلّه عرفان، وهناك من يأخذها كحقّ مستحقّ، وهناك من يُطالب بها بشكل أو بآخر، مثل قول: "كل سنة وأنت طيّب" ومدّ اليد لا للسلام بل للاستعطاء.

وقد شاع عنّي شخصيّاً القول المأثور: "يا جماعة جوهر العيد ليس في الأكل الدسم واللبس الجديد فحسب، بل هو أيضاً في العيديّة"

المهم...
هذه تجربتي أنا..
فماذا عنك يا ميم؟

المقال كاملاً والتعليقات

Friday, January 14, 2005

سؤال كده على الماشي: عن تهنئة النصارى

عزيزي ميم،
السؤال التالي تردّدتُ في طرحه لأنهّ ربّما لا يُعنيك، ولكنّه بالحقّ يتعلّق بأمرٍ أثارَ فضولي وبعضاً من أَلَمي.
وأَردْتُ أن أطرحه هُنا للتوقيت، إذ يتعلّق بفترة الأعياد السابقة (عيد الميلاد سواء بالتقويم الغربيّ،٢٥ ديسمبر،أو الشرقيّ، ٧ يناير)ـ

قرأتُ المقال التالي فتوى بشأن تهنئة النصارى بعيد الميلاد وتساءلتُ: هل فعلاً هذا الأمريُمَثِّل مشكلةً؟
هل تهنئة المسيحيين تؤرّق المسلمين وتُتعِب ضميرهم أم أنّ هذا السؤال لا يمثّل إلاّ نفراً قليلاً على قدر تعليميّ/ثقافيّ معيَّن؟
وهل تطرح التهنئة بعيد القيامة مشكلةً أكبر لعامّة المسلمين لعدم إيمانهم بها (خاصّةً أنّ فتوى قديمة أصدرها عُمر عبد الكافي نصحت بتجنّب ذلك قدر المستطاع)؟
ما وراء سؤالي هو: لماذا لم تكُن هذه المشكلات مطروحة إلاّ حديثاً؟ وهل شاركت في تعكير الجوّ الطائفي في مصر؟

(أضيف إلى ذلك مشكلةً مماثلة عن طلب الرحمة لموتى المسيحيّين. كما علمتُ من التعليق التالي)
ـ

المقال كاملاً والتعليقات

Monday, January 10, 2005

بعض المصطلحات: الإكليروس والعلمانيّون في الكنيسة القبطيّة

العلمانيّون الأقباط؟

كلّ مسيحيّ أرثوذكسيّ هو علمانيّ لو لم يكُن من رجال الإكليروس (رجال الدين) ولا الرُهبان.
الإكليروس
Clergy
هم ثلاث فئات:
١) الأساقفة(والمطارنة): هم بمثابة الوزراء والمحافظين داخل الكنيسة-إن جاز التعبير، وهم كهنة لكنّهم أيضاً يتولّون الأمور التنظيميّة ويشرفون على الكنائس ويتابعون عمل القسوس ويراقبون سلوكهم. الأساقفة حالياً كلّهم من الرهبان غير المتزوّجين، ولكن هذه ليست قاعدة.
٢) القسوس (والقمامصة): وهؤلاء هم الذين يقيمون الصلوات في الكنائس ويتابعون رعاية الشعب المسيحيّ في حيّهم أو قريتهم وأكثرهم من المتزوّجين لكنّ بعضهم أيضاً من الرُهبان.
٣) الشمامسة: هؤلاء يعملون بوظائفهم كالمُعتاد، وهم يشاركون الكهنة (من القسوس أو الأساقفة) في إقامة الصلاة. بعض الشمامسة وظيفتهم إعداد مكان الصلاة وبعضهم مهمّتهم تلاوة الكُتُب المقدّسة أثناء الصلاة.

كلّ ما عدا ذلك فهم العلمانيّون. العلمانيّون هم بقيّة المسيحيين: بعضهم له دور بارز في الكنيسة، فبعضهم مرنّمون في الكنيسة، وبعضُهُم يعلّمون الصغار مبادئ الدين، وبعضهم يعتتنون بنظافة المباني التابعة للكنيسة، وبعضُهم يهتمّون بالأنشطة المختلفة الثقافيّة والرياضيّة والفنيّة، ثم هناك علمانيّون لم يدخلوا كنيسةً أبداً.
هذا مهمّ لفهم المعاني المختلفة لمصطلح العلمانيّة؛ فحين نشأ الفكر السياسيّ العلمانيّ في أوروپا كان يهدف لأن يكتفي رجال الدين بالشئون الدينيّة تاركين الحُكم وخلافه للعلمانيّين، في وقتٍ كان فيه للباباوات والأساقفة نفوذ كبير. ومن هُنا صار للعلمانيّة معنيان: المسيحيّون غير المتخصّصين في الدين والمفكّرون أو السياسيّون الداعون لفصل الدين عن الدولة.
(laity and secularity)

فهم معنى العلمانيّة أيضاً هام لفهم دور المجلس المليّ الذي يُعتبر الكيان الديمقراطيّ في الكنيسة المصريّة التي تُدار شئونها بالنظام البطريركي (الأبويّ)، وهو يضمّ عدداً مُنتخباً من الأقباط، ودوره يختلف حسب الحقبة الزمنيّة، حيثُ أنّه حالياًَ على وفاق تام مع القيادة الكنسيّة الدينيّة، بينما كاد في عُصور سابقة أن يكونَ بديلاً لها في تمثيل الأقباط لدى الدولة.
ـ

المقال كاملاً والتعليقات

نقابة المسيحيين! ـ

عزيزي ميم،
بالراحة شويّة.. أنت مستعجل بشدّة :)ـ

أنا بالطبع مُنبهر بمجهوداتك لتفهّم الأمر بموضوعيّة، وببحثك في عدّة أماكن، فهذا أمرٌ نادر؛ لكنّ هذا السؤال يشمل حوالي ٢٠ موضوعاً شائكاً ولا أعرف أيّهما أستطيع إجابته مباشرةً.
في الحقيقة كانت لديّ إجابات جاهزة للأسئلة السابقة، وما كان عليّ سوى ترتيب أفكاري وتدوينها؛ أمّا عن السؤال الحالي، فأنت دفعتني بالفعل للتفكير في ما لم أفكّر فيه من قبل. سأحاول تلافي الموضوعات الجانبيّة داخل السؤال، وسوف أحاول الانطلاق إلى قلب سؤالك:
مَن يُمَثِّل الأقباط؟
القضيّة الرئيسيّة المطروحة في سؤالك "مَن يُمَثِّل الأقباط؟ هل هي الكنيسة؟"
وأنا احترتُ-في الحقيقة-متسائلاً:

من يُمَثِّل الأقباط؟

ولماذا يحتاج الأقباط للتمثيل؟ أليسوا مواطنين كغيرهم؟
غيرُهم؟
من غيرُهم؟
مِن ناحية الدين هناك المسلمون وهناك المسيحيّون.
الدُستور يقول إنّ دين الدولة الإسلام؛ ورغم أنّني لا أفهم معنى أن يكون للدولة دين (فالدولة ليست إنسان عاقل يبغي العلاقة مع خالقه وينتظر الحساب والحياة بعد الموت ثواباً أو عِقاباً) لكنّ هذا يقول إنّ دين الدولة (الرسميّ) الإسلام، فبالتالي أيّ دين آخر غير ممثَّل في الدولة ويحتاج إلى من يدافع عنه.
فكّرت أيضاً هذا التفكير الساذج:
المحامي يمثلّه نقابة المحامين ونقيبهم، والعامل تمثّله نقابات عُمّالية، وسائقو الميكروباس لهم تنظيمات خاصّة ويدفعون لهم نوع من الضريبة. فماذا عن الأقباط؟
القبطي المحامي كالمسلم المحامي تمثلّهما نقابة المحامين، فلو تعرّض فيلم (كفيلم الأفوكاتو لعادل إمام) للمحامين، يغضب هؤلاء ويثورون لدى نقابتهم، فيعلن النقيب رأي الأغلبيّة (أو جماعات الضغط) ويعترض لدى السينمائيّين، أو يدعو في الجرائد لتحسين صورة المحامين إلخ... الصيادلة يعترضون بالمثل على إساءة إظهار الصيدلي أو إظهاره كتاجر مخدّرات في بعض الأفلام. بل وصل نشاط نقابة الصيادلة لذروته، حين فُرِضت عليهم ضرائب رأوها مُجحفة، وأعلنوا-في الثمانينّات- إضراباً غَيْر مسبوق احتجاجاً على ذلك؛ وبقيت صيدليّة واحدة مفتوحة من بين كلّ ١٣ صيدليّة في الحيّ الواحد-بالتبادل طبعاً- وفي أيّام تعدّ على أصابع اليد انتهى الإضراب. وهكذا...
ماذا لو تعرّض مُحامٍ يسكُن في الجيزة لمشكلة تخصّ قطع الأشجار؟ سيلجأ لمحافظ الجيزة أو لنائب الجيزة في مجلس الشعب، وليس إلى نقابة المحامين.
كلّ ما سبق هو من البديهيّات. ولكن إلى من يلجأ محامٍ مسيحيّ أو صيدلي مسيحيّ أو تاجر مانيفاتورة مسيحيّ إن تعرّض مشكلة بسبب ديانته؟
إلى نائب البرلمان، أم المحافظ، أم إلى نقيبه، أم إلى الله؟

نلجأ جميعاً إلى الله في كلّ مشكلة؛ وبعد ذلك هناك إجراءات تضمنها العمليّة الديمقراطيّة في أيّة دولة حديثة لينال كلّ ذي حقِّ حقّه. لو كانت المشكلة قضائيّة يلجأ المواطن للقضاء، ولو كانت تشريعيّة يلجأ لممثّله في المجلس النيابيّ، ولو كانت مشكلةً أخرى يلجأ ربّما للصحافة، أو ينهج نهج الفلاّح الفصيح ويشكو للفرعون (أو الحاكم).
فَعَلَ الأقباط كلّ هذا في الماضي، لكنّهم عبر التاريخ أيضاً لجأوا للكنيسة. ليس لأنّ الكنيسة قوّة سياسيّة، ولكن لأنّها الكيان الطبيعيّ الذي يجمع أشخاص يشاركونهم النعت نفسه: اعتناقهم المسيحيّة على المذهب الأرثوذكسيّ والطقس القبطيّ.
لهذا كانت الكنيسة القبطيّة عبر التاريخ الملجأ الطبيعي للأقباط، ولا سيّما في السنوات الخمسين الأخيرة، حيثُ خلا مجلس الشعب-أو كاد أن يخلو-من أيّ عضوٍ انتُخِب على برنامج يهتمّ بحقوق المسيحيّين، وخلا المجلس-أو كاد أن يخلو-من أيّ قبطي أرثوذكسيّ مُنتَخَب.
فما العمل يا تُرى؟ لا بدّ من اللجوء إلى كبير الطائفة، ولحرج دور البطريرك الذي يُفَضَّل حيادُه سياسيّاً لأهميّة وضعه في رئاسة الطائفة دينيّاً، وإدارة شئون الكنائس، أسِّسَت في بداية تأسّس الدولة الحديثة في مصر هيئات كالمجلس المِلّيّ وكهيئة الأوقاف القبطيّة.

العلمانيّون الأقباط؟

تسألني عن العلمانيّين الأقباط، وأحبّ هنا أن أتوقّف لشرح المصطلحات (اقرأها إن شئت هنا).

بعد التعريف السابق بالإكليروس والعلمانيّين، أقول لك إذن إنّ كلّ قبطيٍّ يكتُب في الصُحُف هو في الأغلب علمانيّ(أي ليس عضواً بالإكليروس)، فهذا الوصف لا يقتصر على كتّاب قليلين منهم مثلاًجمال أسعد عبد الملاك. أمّاالسيّد جمال أسعد بالتحديد له تاريخ سياسيّ يجعل كلمته غير مسموعة في الأوساط القبطيّة بشكل عام (كان عضواً بحزب العمل حين كان حزباً اشتراكيّاً، وبقي فيه مع دخول الإخوان المسلمون وكان ضمنَ قوائمَهم الانتخابيّة، والآن ما زال من أشدّ المعارضين للبابا شنودة عامّةً).

الأقباط مثال الجُبن؟

الأمر الأخير الذي قد يُفَسِّر قليلاً حالة التمرّد/الاستنفار الأخيرة التي جعلت الأقباط سهلي الإثارة هي أنّهم قد ظلّوا كثيراً مِثالاً فريداً ونادراً للجُبن! آسف لكتابة هذا لكنّها شبه الحقيقة. في لُبنان حيثُ الدمّ الحامي والعرق المارونيّ الفخور يعيّر الموارنة وغيرُهم من الطوائف اللُبنانيّة التي خاضت حَرْباً شعواء بعضُهم بعضاً قائلين: "إيّاك تكون زيّ الأقباط". لماذا يقول اللبنانيّون هذا؟ أيريدون حَرباً أهليّة في مصر؟ يكفينا الحرب الأهليّة-الزمالكاويّة!!
أظنّ المصريّون كلّهم لديهُم بضعة جينات جُبن تراكمت عبر الأجيال.
لكن لماذا يقول اللبنانيّون هذا بالفعل؟
كشف هذا أحد المفكّرين اللبنانيّين المسلمين في اجتماع (أحبّ أن أبقي الأسماء والتفاصيل لأنّني لم أستأذن الأطراف المعنيّة) للحوار الدينيّ. حين تعجّب أنّ المشاركين في الاجتماع من المسلمين (بعضهم من التيّار الإسلاميّ الوسَط) قد أقرّوا بمشكلات طائفيّة ووقوع مظالم على أقباط مصر، بينما نفاها المشارك القبطيّ قائلاً ما معناه "نحن أخوة وكلّه تمام". هكذا يكتُب غالبيّة الأقباط التي يُسمح لهم الكتابة في الصُحف الرسميّة: كلام لطيف دََمِث (أسمّيه لزِج) .
هذا يُفَسِّر تزايُد غُضبات الأقباط في الآونة الأخيرة، وبالتحديد حين نشرت جريدة النبأ خبراً عن فضائح جنسيّة لراهب سابق (معزول) ووضعوها (عن عمد أو غباء) بجانب صورة من داخل كنيسة ممّا أثار ثائرة الأقباط بشكل غير مسبوق. كان المقال غير مسبوق في كلّ شيء، فلم يسبُق لجريدة مصريّة أن تضع صُوَراً جنسيّة شبه كاملة، ولم يَسبِق لجريدة مصريّة حديثة أن تصوّر أيّة صور في الأديرة ممّا وكأنّ أوّل ما يُذكر في الصُحُف عن الأديُرة هو فضيحة راهب مطرود...
دافع رئيس تحرير تلك الجريدة وقتها-المرحوم (أو الراحل) ممدوح مهران أنّه فعل ذلك حُبّاً في الكنيسة القبطيّة وأنّه يحبّ البابا شنودة ويعشق كتاباته، إلخ...
لو حدث هذا لمُحامٍ معزول ستحتجّ نقابة المحامين، ولو حدث لمخرج مفصول ستحتجّ نقابة الممثلين أو المهن الفنيّة، فماذا عن راهب مشلوح (معزول)؟ ألا تحتجّ الكنيسة؟ ألا يحتجّ الناس لدى الكنيسة؟
من يُمَثّل المسيحيّون المصريّون إن هُدِمَت كنيسة أو أُحرِقت؟ إن اعتقل الأمن ٢٠ طالباً أمام الكاتدرائيّة؟ إن قُتِل ١٦ قبطيّ خارجين من اجتماع في الكنيسة؟ إن قام غوغاء بهدم منزل يصلّي فيه المسيحيّون لعدم تمكّنهم من استصدار تصريح ببناء كنيسة؟

ـ"الكعكة في يد اليتيم عَجَبة"ـ

أشعر بتوّعك حين أقرأ للبعض ولسان حالهم يقول إنّ الأقباط ينالون حُقوقاً أكثر من المسلمين في مصر!! أو أنّهم "واخدين حقّهم وزيادة". وأشعر بتوّعُك مماثل حين يكتُب كاتب محترم أنّ المُجتمع كلّه مظلوم، إشمِعنى يعني الأقباط اللي لمّا يعترضوا ياخدوا حقّهم؟
يا لقباحة العُذر الذي هو أقبح من أيّ ذنب؟

حين كُنتُ أعمل في الجامعة بمصر، ذهبتُ إلى العمل يَومَ أحد الشعانين (وهو أحد تلك الأيّام السبعة التي منحها عبد الناصر عطلةً للأقباط دون المُسلمين). ذهبتُ لإنهاء عملٍ ما وعامّةً أنا لا أحبّ أن أتعطّل عن العمل وزملائي موجودون. لمحني رئيس القسم فاستاء جدّاً، وقال لي: إنت فاكر ما عندناش مفهوميّة ولا إيه؟
معه حقّ. لقد شعر الرجُل بإساءة شخصيّة لوجودي في العمل. إنّ معاملة أيّ أقليّة هي علامة تحضّر أيّة جماعة في أيّ مكان.
لو خرج عشرة شُبّان وفتاتين، سوف يتغيّر شكل الخروجة تماماً في مصر. سيراعي الذكور ألسنتهم (على الأقلّ نسبيّاً)، وسيحرصون مثلاً على تفادي التواجد في أماكِن قد تتعرّض فيها الفتيات لمضايقات.
سيكون هؤلاء الشبان في منتهى الـ"جَلْيَطة" والـ"غشامة" إن لم يُراعوا الفتاتين. (ليس على اعتبار النساء أقليّة هنا أو جنس درجة ثانية، ولكن لقلّة عدد الفتيات في المثال المذكور).
لكلّ هذا كان الهجوم الأخير على موقف الأقباط هجوماً غريباً. حساسيّة القصّة الأخيرة تكمُن في طبيعة الحالة (امرأة بين ديانتين)، لكن الحالات الأسبق قوبِلَت أيضاً في الصُحف بردّ فعلٍ مثيل عن رفض كَون الكنيسة كياناً ذا امتيازاتٍ خاصّة، وعن الغضب أنّ الأقباط حين يُطالبون حُقوقهم في مظاهرة ينسون أنّ مُظاهرات أخرى تُقابل بالقبع، أو أنّ جماعات الإسلام السياسيّ تعامَل بعُنف.
ينسى هؤلاء أنّ الجماعات الأخيرة في منافسة مع الدولة وهذا يفسّر عُنف الدولة تجاهها. وينسى هؤلاء أيضاً أنّ الأقباط أقلّ عدداً ولا برامج سياسيّة لديهم سوى مشكلاتهم الداخليّة (وأنا أرى هذه مشكلة انغلاق شديد لكنّها لا تؤثّر على وضع الدولة).
هل الكعكة في يد اليتيم عَجَبة؟

ميم.. سأنتظر حتّى أجيب على سؤالك السابق ثم أطرح سؤالي...
ـ


المقال كاملاً والتعليقات

Thursday, January 06, 2005

الكنيسة في مواجهة الدولة ؟

عزيزي راء...
كنا فد انتهينا على ما يبدو من مناقشة قضية أبو المطامير ، و أعترف لك بأنني لم اكن غاضبا كبقية المسلمين الذين أرادوا " الحصول " على السيدة حتى من قبل أن بتاكدوا أتها لم تجبر على الدخول في الاسلام، و المسيحيين الذين أرادوا استعادتها مهما كان الثمن و حتى لو كانت متحولة الى الاسلام عن اقتناع... اذ بدا لي الصراع حول سيدة بهذا العمر في تجاهل لرغباتها الشخصية أمرا يقول الكثير عن مجتمعنا و طبيعته... و لم انجح في الوصول الى الحقيقة الكاملة لأن كل جانب خرج بحكاية ما ، توافق موقفه....

الآن و بعد أن انقشع الدخان ، بدأت أرى أن قصة الجانب المسلم على ما يبدو كانت الصحيحة - الى حد ما - .... و كان اول من لفت نظري الى أن الكنيسة تصرفت بعصبية - و قال أنها فقدت اطرافا كثيرة من المتعاطفين معها - هو ايساندر في مدونة العروبي ، ثم قرأت مقالا في عدد يناير الحالي من مجلة وجهات نظر لطارق البشري بعنوان وفاء قسطنطين بين الدولة و الادارة الكنسية... و طارق البشري مستشار سابق و يصنف ضمن المفكرين " الاسلاميين الوسطيين" ، و لكن هذا ليس ما وضع أهمية خاصة لرأيه ( لان آراء الاسلاميين لم تتجاوز الغضب و التنديد ) بل لأنه من أهم من كتب عن الوطنية المصرية في فترتنا هذه في مؤلفه الهام ""الأقباط والمسلمون في إطار الجماعة الوطنية"

في مقاله الطويل الذي يشغل ست صفحات من الحجم الكبير ، و اذا تجاهلنا الأجزاء التي يقص فيها الحكاية ، فان أكثر ما لفت نظري هو قوله ان الكنيسة بدأت في التصرف باعتبارها مسؤولة عن شعبها في جميع المجالات و ان سلطتها فوق المواطنين الأقباط تتجاوز سلطة الدولة ذاتها ، فالدولة لا تستطيع توجيه الحديث الى مواطنيها المسيحيين الا من خلال وساطة السلطة الدينية...
بل و انه و هو الوطني غير العنصري أو المتطرف قال ما لاحظه ايساندر ان الكنيسة اذا استغلت ضعف الدولة للضغط عليها فانها تخسر قطاعات عربضة من المتعاطفين معها ، و "" ان ما يجمعنا هو الصالح الوطني باعتبار ارتباط المصير ، فان انفك هذا الجامع فلا جامع و ليس هذا في صالح أحد"

المقال طويل عموما ، و قد قمت بسكان له و وضعته أسفل المقال

و قبل ان انهي الموضوع ، لفت تشارلز في العروبي نظري الى مقال لصحفي قبطي هو جمال أسعد يتفق في الخطوط العامة مع مقال البشري....

اي أن المسلميين الوطنيين و العلمانيين المسحيين يلتقيان على موقف واحد من الكنيسة ؟؟؟

ما رايك ؟











المقال كاملاً والتعليقات

عن الوظائف والموظّفين

عزيزي ميم..
اسمح لي أن أؤجّل الإجابة عن سؤالك السابق بشأن الوظائف التي يرى الأقباط أنّهم محرومون منها، حتّى أجيب أوّلاً على سؤالك الأحدث الذي يبدو أكثر استعجالاً (لتعلّقه بأحداث قريبة)
ـ

المقال كاملاً والتعليقات

Saturday, January 01, 2005

عن أصل الحكاية

عزيزي راء
أعتذر في البدء عن تاخري في الاجابة على سؤالك " الصعب و ليس البسيط على فكرة"...

سألتني عن نظرة المسلمين المصريين الى دخول العرب الى مصر في القرن الأول الهجري و هل يعدون أنفسهم حاميين أم ساميين....

جيم


الآن و في هذه اللحظة فان معظم المسلمين اذا سألوا عن ذلك الدخول سيعدونه فتحا مباركا أدخل الاسلام الى مصر .....

أما اذا كانوا يعدون أنفسهم عربا ساميين أم مصرببن حاميين فهو سؤال صعب حقيقة...

حاولت أن أسأل الناس فكانت اجاباتهم مضطربة

-" هل تعد نفسك مصريا أم عربيا؟"
- " انا مصري عربي أو عربي مصري ، و هل هناك مصري غير عربي؟"
-" اذن هل ترى أجدادك هم العرب من الجزيرة العربية أم فلاحي وادي النيل القدماء..؟"
-" حسنا ، بالتاكيد هناك "عرق" في كل منا من الفلاحين طبعا..."
-" كيف تنظر لنفسك اذن ، كيف تعرف نفسك؟"
-" و لم يجب أن يكون هناك تناقض... اممممم.... لا أعرف ... مصري و عربي... أعتقد أن مصري تأتي في المقام الأول ؟"
-" هل أجدادك أقباط اذن ؟"
-"لا ،أجدادي مسلمون..."
-" طيب لو قبطي بمعنى مصري قديم ؟"
-" قبطي يعني مسيحي و انا مصري مسلم عربي... حسنا ... أعتقد انك تقصد أن المصريين القدماء هم أقباط ؟ لا أعرف حقيقة.... "

سأتجاهل هذا الالتباس و أذهب الى آراء المثقفين...
في بداية القرن العشرين عندما كانت الدولة المصرية الحديثة و الوطنية المصرية في طور التعريف ، توزعت الآراء كثيرا .....
لم تكن القومية العربية ولدت بعد....
اتذكر مثلا كتابا لتوفيق الحكيم عبر فيه عن اعجابه بأخلاق الفلاح المصري المستقر و احتقاره لأخلاق البدو الهمجية.... هذا في الطبعات الحديثة... أما الطبعات القديمة فكانت كلمة العرب هي الأصل الذي تم استبداله بالبدو...... في كتابات لاحقة بعد ثورة يوليو كتب الحكيم أنه ينظر لنفسه كمصري ثم كعربي كما هو توفيق ثم حكيم ، كشخص و عائلة....

و كان هناك من رأى أن مصر ترتبط بوحدة طبيعية مع حوض البحر المتوسط مزدريا هجمات البدو و ابناء الصحارى على المراكز الحضارية المستقرة....

و كان هناك من رأى مصر فرعونية في الأساس

الا أنه بعد قيام ثورة يوليو أصبحت القومية العربية و الوطنية المصرية مرتبطتين ارتباطا قويا باعتبارهما الشيء الصحيح الذي يخرقه الشعوبيون .....

ثم جاء السادات بخطاب شوفيني لا أستطيع هضمه عندما بدا الخطاب المعادي للعرب .... ليس كثقافة أو تاريخ بل كانفصال سياسي رسخ البذاءة و العنصرية.... ( رأي شخصي )

ثم جاءت أيام ( مصريتنا وطنيتنا حماها الله ، الله ، الله ) و هي سياسة التجميد و الحلول الباردة و المسكنات الموضعية و يبقى الحال على ما هو عليه ...

دعني أقفز لعدة آراء للمثقفين الحاليين....

صنع الله ابراهيم في رواية امريكانيللي يمكن تلخيص رأيه بأنه يرى أن دخول العرب لمصر سبب انقطاعا مع استمرارية ناريخها مما أدى لتأخرها ، الا أن السبيل الوحيد الآن لنهضة هذه المنطقة هي النكامل العربي...

سلوى بكر في رواية البشموري ترى أن الحكام العرب فرضوا سياسات سيئة على المصريين المحكومين الذين عانوا سواء كانوا مسلمين أم مسيحيين و أن التحول التدريجي من المسيحية للاسلام لم يكن تغييرا اضطراريا و لم يسبب انقطاعا بين المصريين و تاريخهم الطويل

حفيد أحمد لطفي السيد ينادي بحزب فرعوني فيقابل بسخرية و لا يأخذه أحد على سبيل الجدية و من أخذه على سبيل الجدية استاء من رسالة الحزب الشعوبية....

الاسلاميون و القوميون العرب ينهمكون في معارك مضنية عرب أم مسلمون .... ثم فجأة تصمت المدافع و يتفقون على أننا عرب و مسلمون....

المسلمون العلمانيون يهاجمون الصورة الوردية المثالية للتاريخ الاسلامي التي يبشر بها الاسلاميون و يقدمون صورة قبيحة له في مصر.... يرد الآخرون بعصبية من تتعرض أسس خطابه للخطر....

الليبراليون يرفضون القومية العربية و الاسلامية و ينادون بالتخلص من تلك السياسات الراديكالية مبشرين بمصلحة مصر أولا ..... فيتقارب الاسلاميون و القوميون و تتشابك كلماتهم عن العراق و فلسطين.... بسمون انفسهم " يمين و طني و يسار وطني"

و أعود لأذكر بانه بالنسبة لرجل الشارع فان المسألة محسومة بالنسبة للقضية الاولى الدينية ( عن دخول الفتح العربي) أما الموقف من العرب فهو مثل المد و الجزر.... يتصاعد مع احداث كغزو العراق و يهبط بعد مباراة كرة قدم تخسر فيها مصر أمام تونس....

أعتذر حقيقة اذا لم تصل لرأس أو ذيل مما سبق يا راء و لذا سانتقل الآن الى رايي أنا

الدخول المصري الى مصر في القرن الأول الهجري أعده.... هممممم.... فتحا ..... و اهز رأسي و أقول أنها سنة التاريخ في عصر الامبراطوريات التوسعية... الصحاري تهاجم الحواضر...

أما النقطة التي جعلتني أقف أمام المرآة كثيرا و أتأمل ملامح وجهي مفتشا عن أجدادي فهي سؤالك الثاني.... ثم تخلصت من الصداع بقولي أنني أكره دعاوي النقاء العرقي التي تصيبني بحساسية حقيقية... ثم أعود لأنظر مجددا في المرآة... كلا لست داكن اللون بما فيه الكفاية لأكون حاميا.... سامي اذن ؟ ثم اتذكر جدي لوالدتي الذي كان داكن اللون... فأصل لاجابة بأنني مصري و كفى... أجدادي أقباط دون شك.... عربي اللسان... مسلم الاعتقاد... الشعر الداكن و اللون الفاتح يقولان أنني سامي و لكنني لا أملك وسيلة للتأكد !

ثم أفتح كتاب شخصية مصر لجمال حمدان ( الجزء الرابع - الباب الحادي عشر) و أقرأ.... فيلفت نظري الى ان عرب الجزيرة و المصريين من أصل واحد في عصر السافانا قبل أن يفصل بينهم عصر الجفاف... و الى أنه حسب الرواية الدينية فان ابراهيم تزوج من مصرية هي هاجر لينجب أبا العرب اسماعيل.... و ان اسماعيل تزوج هو ايضا من مصرية... و الى أن موجات الهجرة و ما تلاها من اختلاط من بادية الجزيرة العربية الى مصر عبر سيناء لم تنقطع قبل الفتح الاسلامي أو بعده .. ثم يخلص الى قوله أن مصر فرعونية الجد عربية الأب .... أو أن الفرعونية هي الأب البيولوجي أما العروبة فهي الأب الاجتماعي و الثقافي لأن العرب كانوا أقلية وسط المصريين.... و يصف الالتقاء المصري العربي بالتقاء أحفاد من جد واحد.....

أتمنى ان اكون قد اجبت على سؤالك... و الآن الى....

سين

أسمع كثيرا شكوى من أقباط المهجر عن عدم تولي الأقباط لمناصب حكومية .... هل هناك بالفعل مناصب و ادارات لا يسمح فيها للأقباط بالعمل ؟ و ما نسبة الأقباط في تلك المناصب الحكومية الى نسبتهم في الوطن ؟ و هل توافق على مثل هذه النظرة التي تطالب بالمحاصصة الطائفية أم أن هناك بالفعل طائفية موجودة اصلا تنفي الأقباط من اجهزة الدولة ؟

و كل عام و أنت بخير....


المقال كاملاً والتعليقات

eXTReMe Tracker