راء و ميم

راء و ميم في سين و جيم عن النصارى و المسلمين

Wednesday, May 04, 2005

جواب عالماشي... عن تهنئة النصارى

ردا على سؤالك - اللي عالماشي- عزيزي راء عن تهنئة النصارى ، طلبت من ابن عبد العزيز - بدءً لتقليد الخروج من دائرة راء و ميم الضيقة- أن يجيب على سؤالك فقام بذلك مشكورا....

كتب ابن عبد العزيز:
"أهنئ النصاري بأعيادهم ...أم ماذا أفعل ؟

الفرق ما بين التعايش الإجتماعي .....والتنازل في العقيدة.

في مؤتمر لتحاور الاديان حضرته منذ عدة سنين , كنت أمثل المتحدث المسلم بين مجموعة متحدثين من ديانات اخري , كان بينهم الكاثوليكي والبروتستانتي واليهودي وغيرهم ....

قال القسيس " البابتيستي " او اليحيوي كما يحلو لصديق لي عربي أن يطلق عليهم من و حي كلمة " بابتيست" Paptist

وهي وصف ليحي أو يوحنا المعمداني الذي يؤمن المسيحيون انه عمد السيد المسيح في النهر فاكتسب هذا الوصف ...المهم قال القسيس ..لماذا لا نؤمن جميعا أننا جميعا علي الدين الحق وأنه لا فرق بين الأديان ...وأن المسيحي والمسلم واليهودي وغيرهم كلهم علي حق وسيدخلون الجنة ؟ وبهذا تنتهي كل المشاكل ..

في الحقيقة أصابني عسر هضم ولم أستسغ ما قال حتي لو كان ناتجا عن رغبة شديدة لتحقيق الوفاق بين الناس ومحاولة تقريب وجهات النظر ..

وعندما حان الدور لألقي كلمتي كان هذا نصها " بشكل تقريبي " :

"أنا أري أن عليك أن تعتز بعقيدتك كما اعتز بعقيدتي حتي لو اختلفنا ...أنت مسيحي ,والمسيحية واضحة في أن الخلاص لا يكون إلا عن طريق المسيح ..وأنا مسلم والاسلام واضح في أن النجاة يوم القيامة تأتي بالإيمان علي الطريقة الإسلامية ..واليهودي يبتسم لنا نحن الإثنين و يقول " عيسي ومحمد إيه بس .. أين كنتم ونحن نعبر البحر ؟ " - قلتها بشكل مزاح وفهمها الجمهور بنفس الطريقة أيضا-
وأكملت : ليس مهما أن نؤمن جميعا أن الجميع علي علي حق حتي لا يغضب احد , هذه غير واقعية ولا يرضي بها أغلب المسلمين ولا المسيحيين لأننا نتحدث عن الآخرة ومن هو الهالك والناجي , وهي أمر لسنا متأكدين منه مائة بالمائة ....لأن إيماني الذي لا شك فيه أنك علي عقيدة باطلة لا يجعلها باطلة لمجرد أني أؤمن بهذا , وإيمانك أني علي عقيدة باطلة لا يجعلها باطلة لمجرد أنك مؤمن بهذا بلا شك....هذا يسمي إيمان ....
المهم بعد أن نختلف في من عقيدته صحيحة أو خاطئة ...هل سنستطيع في آخر اليوم أن نذهب إلي مطعم نحبه ونتناول طعاما معا ونشرب فنجان قهوة محترم ؟ هل سأطمئن علي بيتي في حالة سفري وأنك سترعاه في غيابي وهل ستأمنني علي بيتك في حالة غيابك ؟ هل ستزورني وأزورك ؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن نجيب عليه في هذه الدنيا لان أنا وانت نعيش مع بعض في عمارة واحدة أو حي واحد أو شارع واحد أو وطن واحد .

تعال وقل لي :" إن تهنئنتي لك بعيد الفطر يعتبر إقرارا مني بشئ قد اختلف معك فيه , وأشعر بحرج من ذلك , أتمني ألا تفهمني خطأ, إن لم أهنئك بعيد الفطر وألا تعتبر الأمر شخصيا "

هذه الصراحة ..مريحة لأنك تحترم إنسانيتي بل وعقيدتي ..فأنت تقول لي أنك تحترمني إلي الدرجة التي لو لم أستطع فيها أن أهنئك بعيد تحبه فلا تفهمني خطأ...فليست المشكلة في أني أكرهك او أكره دينك ....لكني لا أستطيع أن أفعل هذا...لأن هذا ..إيمان.

أنا لا أرى تعارضا بين وضوح عقيدة و أخري ... والخلاف الجذري أحيانا بين عقيدة وأخري..... وبين التعايش السلمي بين المؤمنين بعقائد مختلفة "

إالي هنا وانتهي ما قلته في هذا المؤتمر في ذلك اليوم ...ولنعد مرة أخري إلي موضوع يفتح في كل عيد للمسيحيين....هل يجوز للمسلمين تهنئتهم ؟ هل يعتبر هذا تنازلا ؟ هل يجوز تعزيتهم في ميت أو مصيبة ؟

هذا يطرح السؤال الأهم ..هل التعايش ....نوع من التنازل ؟ هل مراعاة الإنسانية هو تمييع في الدين أو تهاون في العقيدة ؟

سأحاول الإجابة علي هذا السؤال بطريقة مبسطة ...

عيد القيامة المجيد ..مؤسسة مناسبته علي فكرة قيام المسيح من الأموات بعد أن تم صلبه ...وأنا كمسلم لا أؤمن بهذا الجزء في المسيحية .....ولا أحب أن أتحدث عنه بشكل يوحي بأني أؤمن به خاصة في مناسبة كهذه......ماذا أفعل ؟

الحل من وجهة نظري هو في نشر الوعي في تعريف الفرق ما بين التعايش والتنازل .....لنتعلم أن نحترم خلافات الآخرين وأن نكون واضحين بشأنها ...وفي الوقت نفسه نحترم أن الآخر في نفس الوضع وأنه يحب أن يتعامل معه الناس بالشكل الذي يحبون هم فيه ان يتعامل معهم.

كن واضحا ...وكن محترما وإنسانا.....واحترم رغبة الآخرين في عدم مشاركتهم في مناسبة سعيدة لك ولا تعتبرها كراهية ....وليحفظ كل منا للآخر حق الإقرار بالاختلاف الذي سينجم عنه بعض مظاهر التميز ...ولكن لا تعني الكراهية أبدا

عندما يذهب البابا شنودة إلي الازهر ويهنئ المسلمين بعيد الفطر .....هل نتوقع ان نراه يوم الجمعة يصلي الركعتين ؟ ألسنا نعلم أنه مسيحي وأنه لا يؤمن بالإسلام ...ولكنه جاء ليشارك المسلمين فرحتهم كإنسان...هل هذا تنازل عن مسيحيته ؟

إذن من اين هذه الحساسية المفرطة ؟ إنها من الخوف من أن يكون كل تهنئة تنازل وكل تعزية تنازل وكل كلمة طيبة في حق شخص مخالف لنا في العقيدة تنازل وكل مدح تنازل.

المشكلة أننا نري كل شئ تنازلا.

الحقوق هي المهمة .....ألا يظلم أحد أحداً...ماجدوي أن يهنئني إنسان بالعيد ثم يظلمني في مصلحة ما؟

اما الدولة فعليها أن تساوي بين مواطنيها.....فان كان الرئيس مسلما وهنأ الأقلية المسيحية بعيد لها ..فهذا لا يعني تنازلا عن دينه ..

ولو كان الرئيس مسيحيا وهنأ المسلمين بعيد لهم وهم مثلا اقلية في بلد ما كالولايات المتحدة الأمريكية ...فهذا لا يعني أن الرئيس قد أصبح مسلما.

كشخص ...حقي مكفول لي في طريقتي في المشاركة من عدمها...أما الحكومة فلا ...فهي ترعي الجميع ..ولو كانت منتخبة من قبل الشعب فهي تمثله كله مسلميه ومسيحييه ويهودييه وغيرهم.

هذه العقدة يجب أن تحل سريعا ..قبل أن تصبح مشكلة دائمة خالقة لتوتر من حين لآخر .

فقط فلننشر هذه الثقافة .........التعايش الإنساني بشكله الإجتماعي ..لايعني التنازل عن عقيدة الفرد ولا تهوينه لها"

ملحوظة من ميم: كنت سأنشر ما قاله عمر عبد الكافي كتذكير بمدى القبح الذي من الممكن أن نراه ، و لكن لم أر داعيا لذلك....


* تتمة للحوار:

أضاف ابن عبد العزيز:

ولو سألني أحد إذن ماهي الاعياد التي تهنئ فيها غير المسلمين ...سأقول هذا يعتمد علي الشخص والموقف والعيدفأنا عادة أهنأ الاخ او الأخت المسيحيين بميلاد عيسي عليه السلام ....ومناسباتهم الأخري التي أعرفها ...وبالتأكيد بعضها لا أعرفها .....ولو كنت في بلد آخر فإن المسيحيين هناك لهم اعياد أخري غير مسيحيي مصر مثلا ..أيضا اهنئهم بها ..أما الاعياد التي لا أهنأ بها ..مثل عيد القيامة ...فأنا أقوم بأعمال اخري تدل علي مشاركتي في سعادتهم مثل ان أدعو صديق مسيحي لي للطعام أو ما شابه ...لا أهنأ بأعياد الميلاد لا للمسلمين ولا للمسيحيين ..لأسباب شخصية وليست دينية ...وطالما سبب لي ذلك مشاكل حيث يعتقد البعض أني معقد ..غير أن عيد الميلاد أراه يذكرني بالموت لاني كبرت سنة ...فلا أحب الإحتفال به ..لأنه كانه يقول لي اقترب وقت الحساب ...فعلام الفرح إذن ؟لا أهنأ بأي عيد يمثل فعلا ظالما في التاريخ بغض النظر عن عقيدة مرتكبه ..فمثلا لا أهنأ بعيد كولومبس أي صديق أمريكي لاني أعتبر كولومبس مجرم حرب .أهنأ بعض الامريكان من اصل هندي أحمر ببعض أعيادهم المستوحاة من تعظيم الأرض كأم للبشرية ..لأني أراهم رمزيين ولا بأس من تهنئتهم..فأنا لا اراهم وثنيين ...وهكذا ...قد لا أهنأ مسلم بأي عيد إسلامي ..لانه ظالم ويستحق الحرق ....قد اهنأ مسيحي بعيد القيامة ...لانه يعرف كيف أري موضوع القيامة لذا هو يفهم أني احترم مشاعره وأعامله كاخ لي لذا الموضوع يتفاوت جدا...أما أن تكون هناك قضية كبري حول الموضوع وجدل حولها .....فآخر كلامي ...من شاء ان يهنا فيلفعل ولا يأبه بالمنتقدين ..ومن شاء ألا يفعل ..فهو حر ...وأتركوه في حاله ..علي ألا ينشر الكراهية والحقد بين الناس ويحاول تبرير عدم تهنئته بأنه مسلم صحيح الإيمان والباقي بطيخ ....فعندئذ ...علي أي شخص أن يعلمه درسا في " الإيمان " الخلاصة ...كل منا يعرف ما في قلبه ...فكفي صداعا ...ولنقم بإعادة بعض الحقوق الضائعة للناس بدلا من الجدل الذي لن ينتهي

و عقب راء:

يا عزيزي أنا باختصار لا أفهم ما علاقة التهنئة بشيء والإيمان به.

فأنا إن هنّأت صديقي الهندي بعيد جلوس الإله فلان الفلاني مثلاً، هل أقول له: مبارك هو إلهك الذي جلس على عرشه وخلق البشر؟
لا.. بل أقول له: كلّ عام وأنت بخير.
أي: أتمنّى أن تقضي جميع أعوامك سعيداً محتفلاً كما أنت سعيد في هذا اليوم. أو
Happy Holiday
أيّ: لتقضِ هذا اليوم المقدّس بالنسبة لك في سعادة.

عدما أهنّئك بعيد الأضحي لا يهمّني هل نوى سيّدنا إبراهيم ذبح إسحق أم إسماعيل، لا حتّى أهنّئك لأنّ الله فدى إسماعيل أو فدى إسحق، بل أهنّئك لأنّك تحتفل وتسعد وأتمنّى أن أراك سعيداً دائماً حتّى لو كُنت تحتفل بمهرجان الخمر في اليونان*.
الأمر نفسه يُقال إن هنّأتك على الإسراء والمعراج.


أحترس فقط حين أهمّ بتهنئتك على ما ليس عيدك.
فكثيراً ما أهنّئ البعض بالمولد النبويّ وهم في الحقيقة لا يقبلون الاحتفال به.
وكثيراً ما يهنِّئني بعض الأمريكان بشهر رمضان على اعتبار أنّ كلّ من له لون بشرتي يصير بالضرورة مسلماً بالنسبة لهم.

أخيراً... المسيحيّون يهنّئون بعضهم في عيد القيامة قائلين: المسيح قام وردُّها بالحقيقة قام، وهذا لحفظ التقليد الذي يرجع إلى ١٩٧٠ عاماً، حين كانت تحيّة المسيحيّة الأولى هي هذه (باليونانيّة: إخرستوس آنستي/ أليثوس آنستي)... مثل هذه التهنئة بالطبع غير متوّقعة ولا مطلوبة من أيّ شخص غير مسيحيّ، ومع ذلك فهي لا تخوض في التفاصيل، وهل قام بعد الموت أم بلا موت، وهل قام بقوّته أم بقوّة الله أم باتّحاد القوى.
هي عبارة تعني ببساطة: لا تخف يا أخي، لن يقوى الموتُ على المؤمن، ولن ينتصر الشر حتّى النهاية.

أمّا حين يهنّئ مسلم مسيحيّاً بعيد القيامة أو بعيد قدّيس ربّما لا يكون له وجود في التاريخ، فهو مرّةً أخرى من باب تمنّى الخير للآخر.

أنا لا أرى الموضوع مجرّد شكليّات واختلاق مشكلات، بل هو علامة.
فإن وصل الجمود وضيق الأفق بشخص أن يرى العالم كلّه من منظور منحصر على الذات، ومن ألوان الأبيض والأسود، الإيمان والكُفر، فهذه علامة على التفكُّك والضحالة وسطحيّة الفكر.

إن مات أحد ورفضت أن أقول عنه: الله يرحمه، على اعتبار أنّ الرحمة لا تجوز على غير من يؤمن بديني، فهي إهانة لله قبل أن تكون إهانة للميّت.
فأوّلاً، لا دليل أنّه مات على الدين الذي يظنّ الآخرون أنّه مات عليه، لعلّه تحوّل عنه مثلاً في النفس الأخير.
وثانياً، الله يرحمه لا تعني بالضرورة أنّه سيدخله فسيح جنّاته، بل ربّما سيخفّف عنه العقاب.
ثالثاً:، الله يرحمه لأنّ الرحمة صفة من صفاته، لا يتخلّي عنها، ولولاها لهلكنا جميعاً. هي فعل مضارع أكثر من كونها دُعاء.
رابعاً، معنى عدم قولي "الله يرحمه" الوحيد، هو أنّني أتمنّى ألاّ يرحمه، أو أتمنّى أن يسخطه ويعاقبه شديد العقاب. وهذا خطير، فمن لا يرحم من على الأرض، كيف ينتظر أن يرحمه من له مُلكُ السماء والأرض وما بينهما وما يتعدّاهما؟

ــ
* طبعاً لن أهنّئك إن قتلتَ شخصاً واحتفلت بقتله... بل سأسمّيك مجرماً. أمّا ما عدا ذلك، فأنتَ حرّ ما لم تضرّ.

و كان تعقيب ابن عبد العزيز هو:

كما قلت
الموضوع مصطنع اصلا يا رامي
لو عدنا خمسمائة سنة الي الوراء ..لك يكن الناس تحدثون عن هذه القضايا ولا تكتب كتب وتوضع فتاوي للعامة حول قضايا تتم بشكل تلقائي في حياة الناس العادية

كان البعض يسئل ...ثم يجيب البعض من العلماء كل حسب اجتهاده ..لذا فهو اجتهاد
وليس معناه ان علم ما في زمن ما ومناسبة ما افتي بجواز التهنئة من عدمها يصبح حجة علي الأمة كلها

ما قصدته انا هنا .....هو حرية الاعتقاد والاتباع
من يريد ان يهنأ فليفعل ومن لا يريد ..فهو حر ....وليس له ان يشغلنا في قضية مثل هذه ويعتبر من يهنأ عاص او مفرط او متهاون او متنازل

انا سئمت أصلا من هذه المواضيع وفتحها حتي أصبحت شغل الناس الشاغل ...
واصبح يقلس بها ايمان المؤمن والتزامه بالتعاليم

انا افهم تماما ان تهنئتي لك او ليهودي او حتي بوذي بعيده لا يمثل اي تنازل عن ديني ...انا افهم هذا ...وافهم ايضا ان تهنئتك لي لا تتعتبر تنازلا عن دينك

نحن نفهم هذا

المشكلة في من يريد ان يقول للناس ..
ان هنأت غير مسلم بعيده فقد تنازلت عن عقيدتك
هؤلاء هم المشلكة ...
من لا يريد ان يهنأ ...فهو حر ..ولا يزعجنا ولا يتهم غيره بالكفر او قلة الايمان

وفي نفس الوقت سنحفظ له حق الاختلاف
ولكن ..فليتركونا في حالنا

المقال كاملاً والتعليقات

eXTReMe Tracker