عزيزي راء
قرأت منذ أيام خبرا عن نشر مجلة الكرازة الناطقة باسم الكنيسة
وثيقة عن المجمع المقدس للأقباط الأرثوذكس بمناسبة العيد الحادي و الخمسين لرهبنة البابا شنودة الثالث ، جاء فيه إعلان تأييد الكنيسة القبطية لاستمرار الرئيس حسني مبارك في رئاسة مصر " لما يرونه فيه من حكمة سياسية و سماحة ، و خبرة عميقة بادارة شؤون البلاد ، و معرفة وثيقة مع علاقة طيبة بكل القيادات السياسية في البلاد العربية و الغربية و سائر البلاد. و ما ناله من تقدير الجميع ، و ماله من موقف حازم في قضايا الشرق الأوسط و السودان، و حفظ مكانة مصر بين الدول" و تلوا ذلك بمناشدته "الاستجابة لرغبة الجماهير بترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية لدورة تالية - و الكل يجبونه و يؤيدونه".
صحيح أننا اعتدنا الاستماع لأشياء مماثلة من بعض الشيوخ المسلمين ، كخبر الحفلة التي أقامها وزير الأوقاف لمدح الرئيس مبارك و ألقى فيها شيوخ أزهريون قصائد تتبارى في ذكر ميزاته ، أو كمواقف شيخ الازهر محمد طنطاوي و ما أشيع عن اتفاق بينه و بين مسؤولين لاستغلال منابر المساجد للدعاية الانتخابية ، و الفتاوى التي ظهرت بالجملة قبل اسفتاء 25 مايو لتتحدث عن أن مقاطعة الاستفتاء هي كتم للشهادة و من يقوم بذلك آثم قلبه.
الا أن هؤلاء كلهم موظفون بالدولة عينتهم السلطة التنفيذية و تمنحهم في أول كل شهر راتبهم. و على الرغم من تجاوز الدولة التي تستغل كل شيئ ، بدلا من تطبيق حديثها عن عدم استغلال الدين في السياسة - و هي الحجة التي يحبون ذكرها لتبرير استبعاد الاسلاميين من الساحة السياسية - ، فإن مصداقية هؤلاء المشايخ قليلة للغاية لمعرفة الجميع انعدام استقلاليتهم ، و عادة ما يوصفون ب"مشايخ السلطة" ، فضلا عن انه لا سلطة روحية لهم - أو لغيرهم- على غيرهم من المسلمين ، مقارنة باستقلالية الكنيسة عن الدولة و تأثيرها على رعاياها.
و صحيح أيضا أننا شاهدنا لافتات المبايعة باسم نبيل لوقا بباوي .... عفوا! باسم 70 مليون مصري و بتوقيع نبيل لوقا بباوي ، و سمعنا تصريحاته في مدح الرئيس و شاهدناه على القنوات الفضائية ينفي تهم التحرش و الاعتداء عن الحزب الوطني.
الا أنه يظل مجرد "شخص" لا يعبر سوى عن نفسه ، فضلا عن أنه يعد "خائنا" في بعض الأوساط القبطية على حد علمي.
و صحيح أيضا أن الطائفة الانجيلية قد أعلنت تأييدها لمبارك منذ عيد القيامة الماضي.
الا أنها تظل طائفة صغيرة الحجم مقارنة بالأقباط الأرثوذكس.
و صحيح أن البابا شنودة صرح منذ مدة بأنه لا يرى في الساحة بديلا لمبارك.
و لكن هذا يعتبر رأيا سياسيا يختلف تماما عن بيان المبايعة و التأييد السابق ذكره.
يأتي وقت الأسئلة:
لماذا؟ ما الذي دفع الكنيسة للقيام بذلك؟ هي على حد ما أفهم مستقلة و لم تكن مجبرة على هذه المبايعة؟ هل تراهن على الجواد الرابح؟ ما الذي ستربحه؟
هل ستقوم الكنيسة بمثل هذا في كل انتخابات؟ و هل ستشارك في لعبة السياسة من الآن فصاعدا؟ و لماذا رفضت مثلا دعوة من الاسلاميين لتأسيس حزب مسيحي؟
و ماذا سيحدث لو - على سبيل الافتراض -لم يترشح الرئيس مبارك في الانتخابات من الأصل؟
و هل هذا القرار ملزم للمسيحيين الأرثوذكس؟ و ما موقف من يعارض منهم هذا الترشيح؟
و ما موقف المسيحيين من الحركات الداعية للتغيير؟ هل يخافون المستقبل و يفضلون تأييد مبارك لخوفهم من "بعبع" الاسلاميين؟
أنتظر ردك عزيزي راء.
المقال كاملاً والتعليقات